للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُهُ «مَنْ قَاءَ أَوْ رَعَفَ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ وَلِيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ»

وَقَوْلُهُ: «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ بِسَبَبِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ، فَكَانَ مَعْنَاهُ تَوَضَّئُوا مِنْ كُلِّ دَمٍ سَالَ مِنْ الْبَدَنِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ الْخَبَرِ لِكَوْنِهِ آكَدُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْوُجُوبِ كَأَنَّهُ أَمَرَ فَامْتُثِلَ أَمْرُهُ فَأَخْبَرَ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ آيَةُ كَوْنِهِ وَاجِبًا، فَإِنَّ الْآمِرَ إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يَكْذِبُ فِي كَلَامِهِ يُعَبِّرُ عَنْ مَطْلُوبِهِ بِلَفْظِ الْخَبَرِ تَأْكِيدًا لِلطَّلَبِ؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ تَكْذِيبًا لَهُ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يَكْذِبُ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ. فَإِنْ قِيلَ سَلَّمْنَاهُ لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْوُضُوءَ اللُّغَوِيَّ. قُلْنَا: ذَاكَ مَجَازٌ شَرْعِيٌّ، وَلَا تُتْرَكُ الْحَقِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ بِلَا دَلِيلٍ (وَقَوْلُهُ: «مَنْ قَاءَ أَوْ رَعَفَ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ») رَوَاهُ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ ، ذَكَرَهُ الرَّازِيّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

يُقَالُ رَعَفَ: إذَا سَالَ رُعَافُهُ. قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ: وَفَتْحُ الْعَيْنِ هُوَ الْفَصِيحُ، وَوَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ مِنْ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا الْأَمْرُ بِالِانْصِرَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>