لِقَوْلِهِ ﵊ «مَنْ أَمَّ قَوْمًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا أَوْ جُنُبًا أَعَادَ صَلَاتَهُ وَأَعَادُوا» وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ ﵀ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَنَحْنُ نَعْتَبِرُ مَعْنَى التَّضَمُّنِ وَذَلِكَ فِي الْجَوَازِ وَالْفَسَادِ.
النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ فَكَبَّرَ وَكَبَّرْنَا مَعَهُ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْقَوْمِ أَنْ اُمْكُثُوا كَمَا أَنْتُمْ، فَلَمْ نَزَلْ قِيَامًا حَتَّى أَتَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ اغْتَسَلَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً فَصَلَّى بِهِمْ» وَلَوْ لَمْ تَكُنْ صَلَاتُهُمْ مُنْعَقِدَةً لَمْ يُكَلِّفْهُمْ اسْتِدَامَةَ الْقِيَامِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ عَدَمَ طَهَارَةِ الْإِمَامِ لَا تَمْنَعُ انْعِقَادَ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِ الْإِمَامِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمُكْثِ لَا يَدُلُّ عَلَى الِانْعِقَادِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَنْعًا لَهُمْ عَنْ التَّفَرُّقِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ، وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَوْمَأَ إلَيْهِمْ أَنْ اُقْعُدُوا وَلَوْ انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُمْ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِذَلِكَ، عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ تَعَلُّقِ صَلَاةِ الْقَوْمِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حِكَايَةُ فِعْلٍ لَا تُعَارِضُ الْقَوْلَ.
وَقَوْلُهُ: (وَنَحْنُ نَعْتَبِرُ مَعْنَى التَّضَمُّنِ) مَعْنَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﵊ قَالَ «الْإِمَامُ ضَامِنٌ» وَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ ضَامِنٌ لِصَلَاةِ نَفْسِهِ وَلَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ كَذَلِكَ، أَوْ ضَامِنٌ لِصَلَاةِ الْقَوْمِ وَهُوَ صَحِيحٌ، ثُمَّ إنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا لِصَلَاتِهِمْ وُجُوبًا وَأَدَاءً أَوْ صِحَّةً وَفَسَادًا، وَالْأَوَّلَانِ غَيْرُ مُرَادَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ فَتَعَيَّنَ الْآخَرَانِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute