قَالَ (وَمَنْ كَفَلَ بِمَالٍ عَنْ رَجُلٍ فَوَكَّلَهُ صَاحِبُ الْمَالِ بِقَبْضِهِ عَنْ الْغَرِيمِ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا فِي ذَلِكَ أَبَدًا) لِأَنَّ الْوَكِيلَ مَنْ يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ صَحَّحْنَاهَا صَارَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ فِي إبْرَاءِ ذِمَّتِهِ فَانْعَدَمَ الرُّكْنُ
بِسَبَبِ إقْرَارِهِمَا بِمَا قَالَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا.
قَالَ (وَمَنْ كَفَلَ بِمَالٍ عَنْ رَجُلٍ إلَخْ) وَمَنْ كَفَلَ بِمَالٍ عَنْ رَجُلٍ فَوَكَّلَهُ صَاحِبُ الْمَالِ بِقَبْضِهِ عَنْ الْغَرِيمِ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا فِي ذَلِكَ أَبَدًا لَا بَعْدَ بَرَاءَةِ الْكَفِيلِ وَلَا قَبْلَهَا، أَمَّا بَعْدَ الْبَرَاءَةِ فَلِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَصِحَّ حَالَ التَّوْكِيلِ لِمَا سَيُذْكَرُ لَمْ تَنْقَلِبْ صَحِيحَةً كَمَنْ كَفَلَ لِغَائِبٍ فَأَجَازَهَا بَعْدَمَا بَلَغَتْهُ فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِحَّ ابْتِدَاءً لِعَدَمِ الْقَبُولِ فَلَا تَنْقَلِبُ صَحِيحَةً، وَأَمَّا قَبْلَ الْبَرَاءَةِ فَلِأَنَّ الْوَكِيلَ مَنْ يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْكَفِيلُ لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ لِكَوْنِهِ عَامِلًا لِنَفْسِهِ فِي إبْرَاءِ ذِمَّتِهِ كَالْمُحَالِ إذَا وَكَّلَ الْمُحِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا لِمَا قُلْنَا. وَنُوقِضَ بِتَوْكِيلِ الْمَدْيُونِ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ عَمَّا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ عَامِلًا فِي ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، وَذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
وَأُجِيبَ بِالْمَنْعِ مُسْتَنِدًا إلَى مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ﵀ أَنَّ الْمَدْيُونَ لَا يَصْلُحُ وَكِيلًا عَنْ الطَّالِبِ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ عَلَى خِلَافِ مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ. سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّ الْإِبْرَاءَ تَمْلِيكٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَكَلَامُنَا فِي التَّوْكِيلِ بِالْقَبْضِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ عَمَلَ الْوَكِيلِ لِنَفْسِهِ ضِمْنِيٌّ لِكَوْنِ الْمُوَكِّلِ أَصِيلًا فِي إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ وَالضِّمْنِيَّاتُ قَدْ لَا تُعْتَبَرُ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ بَلْ الْأَصْلُ وُقُوعُ التَّصَرُّفِ لِنَفْسِ الْفَاعِلِ. فَإِنْ قِيلَ فَلْتَنْسَخْهَا الْوَكَالَةُ، لِطَرَيَانِهَا عَلَيْهِمَا كَمَا لَوْ تَأَخَّرَتْ الْكَفَالَةُ عَنْهَا فَإِنَّهَا تَنْسَخُهَا.
قَالَ الْمَحْبُوبِيُّ ﵀ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ضَمِنَ الْمَالَ لِلْمُوَكِّلِ يَصِحُّ الضَّمَانُ وَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ. فَالْجَوَابُ أَنَّ النَّاسِخَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى مِنْ الْمَنْسُوخِ أَوْ مِثْلَهُ، وَالْوَكَالَةُ دُونَ الْكَفَالَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute