وَأَمَّا عِنْدَهُمَا قَالُوا: يَجِبُ أَنْ يَتَّحِدَ الْجَوَابُ عَلَى هَذَا فِي الْفَصْلَيْنِ وَلَا يُؤَخَّرُ، لِأَنَّ التَّدَارُكَ مُمْكِنٌ عِنْدَهُمَا لِبُطْلَانِ الْقَضَاءِ
يَحْلِفَ الْمُشْتَرِي، بِخِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ لِأَنَّ التَّدَارُكَ فِيهَا مُمْكِنٌ بِاسْتِرْدَادِ مَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ إذَا ظَهَرَ الْخَطَأُ عِنْدَ نُكُولِ الْمُوَكِّلِ، وَأَمَّا هَاهُنَا فَغَيْرُ مُمْكِنٍ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ بِالْقَضَاءِ، وَالْقَضَاءُ بِالْفَسْخِ مَاضٍ عَلَى الصِّحَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْقَضَاءَ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَإِنْ ظَهَرَ الْخَطَأُ بِالنُّكُولِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا مَضَى الْفَسْخُ وَلَا يَرُدُّ بِالنُّكُولِ؛ لَمْ يَبْقَ فِي الِاسْتِحْلَافِ فَائِدَةٌ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْوَكِيلَ إذَا رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ ثُمَّ حَضَرَ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى الرِّضَا بِالْعَيْبِ وَاسْتَرَدَّ الْجَارِيَةَ وَقَالَ الْبَائِعُ لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا لِأَنَّ الْقَاضِيَ نَقَضَ الْبَيْعَ فَإِنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِ الْبَائِعِ، وَلَوْ كَانَ الْقَضَاءُ مَاضِيًا عَلَى الصِّحَّةِ لَمْ تَرُدَّ الْجَارِيَةَ عَلَى الْمُشْتَرَى.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرَّدَّ مَذْهَبُ مُحَمَّدٍ، فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا سَبِيلَ لِلْآمِرِ عَلَى الْجَارِيَةِ. سَلَّمْنَا أَنَّ هَذَا قَوْلَ الْكُلِّ، لَكِنَّ النَّقْضَ هَاهُنَا لَمْ يُوجِبْهُ دَلِيلٌ، وَإِنَّمَا كَانَ لِلْجَهْلِ بِالدَّلِيلِ الْمُسْقِطِ لِلرَّدِّ وَهُوَ رِضَا الْآمِرِ بِالْعَيْبِ ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute