وَقِيلَ هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَفِي الْقِيَاسِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَصِيرُ مُتَبَرِّعًا. وَقِيلَ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشِرَاءٍ، فَأَمَّا الْإِنْفَاقُ يَتَضَمَّنُ الشِّرَاءَ فَلَا يَدْخُلَانِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
عَنْ أَهْلِهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمْ عَشَرَةً مِنْ مَالِهِ فَالْعَشَرَةُ الَّذِي أَنْفَقَهُ مِنْ مَالِهِ بِمُقَابَلَةِ الْعَشَرَةِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِيمَا أَنْفَقَ. قِيلَ: هَذَا اسْتِحْسَانٌ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْإِنْفَاقِ وَكِيلٌ بِالشِّرَاءِ، وَالْحُكْمُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ رُجُوعِ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِمَا أَدَّى مِنْ الثَّمَنِ، وَقَدْ قَرَّرْنَاهُ: يَعْنِي فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِذَا دَفَعَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ وَقَبَضَ الْمَبِيعَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ انْعَقَدَتْ بَيْنَهُمَا مُبَادَلَةٌ حُكْمِيَّةٌ، وَهَذَا أَيْ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ التَّوْكِيلِ بِالْإِنْفَاقِ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْأَهْلُ قَدْ يَضْطَرُّ إلَى شِرَاءِ شَيْءٍ يَصْلُحُ لِنَفَقَتِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ مَالُ الْمُتَوَكِّلِ مَعَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَيَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَكَانَ فِي التَّوْكِيلِ بِذَلِكَ تَجْوِيزُ الِاسْتِبْدَالِ، وَفِي الْقِيَاسِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَيَصِيرُ مُتَبَرِّعًا فِيمَا أَنْفَقَ وَيَرُدُّ الدَّرَاهِمَ الْمَأْخُوذَةَ مِنْ الْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا ضَمِنَ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ تَتَعَيَّنُ فِي الْوَكَالَاتِ، حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ قَبْلَ الْإِنْفَاقِ بَطَلَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute