للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كَيْفَ أُضِيفَ إلَيْهِ بِحَرْفِ اللَّامِ فِي قَوْلِهِ " لَك يَمِينُهُ ". قِيلَ إنَّمَا جَعَلَ يَمِينَ الْمُنْكِرِ حَقَّ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ خَصْمَهُ أَتْوَى حَقَّهُ بِإِنْكَارِهِ، فَالشَّرْعُ جَعَلَ لَهُ حَقَّ اسْتِحْلَافِهِ، حَتَّى إذَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمَ فَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ مُهْلِكَةٌ لِخَصْمِهِ فَيَكُونُ إتْوَاءً بِمُقَابَلَةِ إتْوَاءٍ وَهُوَ مَشْرُوعٌ كَالْقِصَاصِ، وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ بِخِلَافِ مَا زَعَمَ فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَنَالُ الثَّوَابَ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى صَادِقًا، ثُمَّ إنَّمَا رَتَّبَ الْيَمِينَ عَلَى الْبَيِّنَةِ لَا عَلَى الْعَكْسِ لِأَنَّ نَفْسَ الدَّعْوَى لَيْسَتْ بِمُوجِبَةٍ اسْتِحْقَاقَ الْمُدَّعِي لِمَا ادَّعَاهُ، لِأَنَّ فِيهِ إسَاءَةَ الظَّنِّ بِالْآخَرِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، فَوَجَبَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي لِإِثْبَاتِ اسْتِحْقَاقِهِ بِهَا فَيُطَالِبُهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى وَجْهِ التَّذْكِيرِ لَهُ، فَلَوْ قَدَّمْنَا الْيَمِينَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَظَرٌ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، إذْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ مَشْرُوعَةٌ بَعْدَ الْيَمِينِ، فَمِنْ الْجَائِزِ إقَامَتُهَا بَعْدَهَا، وَفِي ذَلِكَ افْتِضَاحُهُ بِالْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>