للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَصِحَّتُهُ فِي الدَّيْنِ بِنَاءً عَلَى زَعْمِ الْمُدَّعِي وَهُوَ مَا يَقْبِضُهُ حَقًّا لِنَفْسِهِ، وَالْبَذْلُ مَعْنَاهُ هَاهُنَا تَرْكُ الْمَنْعِ وَأَمْرُ الْمَالِ هَيِّنٌ

قَالَ (وَيُسْتَحْلَفُ السَّارِقُ

لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى التَّبَرُّعِ وَهُمَا لَا يَمْلِكَانِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَهُ آنِفًا أَنَّهُمَا يَمْلِكَانِ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ التِّجَارَةِ وَبَذْلُهُمَا بِالنُّكُولِ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ (وَصِحَّتُهُ فِي الدَّيْنِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّهُ لَوْ كَانَ بَذْلًا لَمَا جَرَى فِي الدَّيْنِ لِأَنَّهُ وَصْفٌ فِي الذِّمَّةِ وَالْبَذْلُ لَا يَجْرِي فِيهَا.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَذْلَ فِي الدَّيْنِ إنْ لَمْ يَصِحَّ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ الْقَابِضِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الدَّافِعِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَلَا مَانِعَ ثَمَّةَ لِأَنَّهُ يَقْبِضُهُ حَقًّا لِنَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى زَعْمِهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَالْمُرَادُ بِهِ هَاهُنَا أَيْ فِي الدَّيْنِ تَرْكُ الْمَنْعِ وَجَازَ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْمَنْعَ. فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا جُعِلَ فِي الْأَشْيَاءِ السَّبْعَةِ أَيْضًا تَرْكًا لِلْمَنْعِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهَا. أُجِيبَ بِأَنَّ أَمْرَ الْمَالِ هَيِّنٌ تَجْرِي فِيهِ الْإِبَاحَةُ، بِخِلَافِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ فَإِنَّ أَمْرَهَا لَيْسَ بِهَيِّنٍ حَيْثُ لَا تَجْرِي فِيهَا الْإِبَاحَةُ، وَجَعْلُهُ هَاهُنَا تَرْكُ الْمَنْعِ، وَفِي قَوْلِهِ إلَّا أَنَّ هَذَا بَذْلٌ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ غَيْرِ التَّرْكِ وَفِي ذَلِكَ تَسَامُحٌ فِي الْعِبَارَةِ. وَاَلَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي مَطْلَعِ الْبَحْثِ مِنْ تَعْرِيفِهِ وَهُوَ قَوْلُنَا قَطْعُ الْخُصُومَةِ بِدَفْعِ مَا يَدَّعِيهِ الْخَصْمُ لَعَلَّهُ أَوْلَى.

قَالَ (وَيُسْتَحْلَفُ السَّارِقُ إلَخْ) إذَا كَانَ مُرَادُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ أَخْذَ الْمَالِ يُسْتَحْلَفُ السَّارِقُ بِاَللَّهِ مَا لَهُ عَلَيْك هَذَا الْمَالُ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِالشُّبُهَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>