للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِأَنَّهُ يَتَعَجَّلُ فَائِدَةَ النُّكُولِ وَهُوَ إلْزَامُ الثَّمَنِ، وَلَوْ بُدِئَ بِيَمِينِ الْبَائِعِ تَتَأَخَّرُ الْمُطَالَبَةُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى زَمَانِ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ. وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ يَقُولُ أَوَّلًا: يَبْدَأُ بِيَمِينِ الْبَائِعِ لِقَوْلِهِ «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فَالْقَوْلُ مَا قَالَهُ الْبَائِعُ» خَصَّهُ بِالذِّكْرِ، وَأَقَلُّ فَائِدَتِهِ التَّقْدِيمُ.

وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَذَا الْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِلْمَشْهُورِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا فَهُوَ مَرْجُوحٌ، وَإِنْ كَانَ فَكَذَلِكَ لِعُمُومِ الْمَشْهُورِ، أَوْ يَتَعَارَضَانِ وَلَا تَرْجِيحَ

وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ آخِرًا وَرِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ دُونَ مَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ إنَّهُ يُبْدَأُ بِيَمِينِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَشَدُّهُمَا إنْكَارًا لِكَوْنِهِ أَوَّلَ مَنْ يُطَالِبُ بِالثَّمَنِ فَهُوَ الْبَادِي بِالْإِنْكَارِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيمِ الْإِنْكَارِ دُونَ شِدَّتِهِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالشِّدَّةِ التَّقَدُّمَ وَهُوَ الْأَنْسَبُ بِالْمَقَامِ، لِأَنَّهُ لَمَّا تَقَدَّمَ فِي الْإِنْكَارِ تَقَدَّمَ فِي الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، أَوْ لِأَنَّ فَائِدَةَ النُّكُولِ تَتَعَجَّلُ بِالْبُدَاءَةِ بِهِ وَهُوَ إلْزَامُ الثَّمَنِ، وَلَوْ بُدِئَ بِيَمِينِ الْبَائِعِ تَأَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى زَمَنِ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ. وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ يَقُولُ أَوَّلًا يُبْدَأُ بِيَمِينِ الْبَائِعِ وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى وَأَبُو الْحَسَنِ فِي جَامِعِهِ أَنَّهُ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ لِقَوْلِهِ «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فَالْقَوْلُ مَا قَالَهُ الْبَائِعُ» وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ خَصَّهُ بِالذِّكْرِ، وَأَقَلُّ فَائِدَتِهِ التَّقْدِيمُ: يَعْنِي أَنَّهُ جَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَهُ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِيَمِينِهِ، لَكِنْ لَا يُكْتَفَى بِهَا فَلَا أَقَلَّ مِنْ الْبُدَاءَةِ بِهَا، وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ مُقَابَضَةً أَوْ صَرْفًا يَبْدَأُ الْقَاضِي بِأَيِّهِمَا شَاءَ لِاسْتِوَائِهِمَا.

قَالَ (وَصِفَةُ الْيَمِينِ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ صِفَةَ الْيَمِينِ أَنْ يَحْلِفَ الْبَائِعُ بِاَللَّهِ مَا بَاعَهُ بِأَلْفٍ، وَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَاهُ بِأَلْفَيْنِ.

وَقَالَ فِي الزِّيَادَاتِ: يَحْلِفُ الْبَائِعُ بِاَللَّهِ مَا بَاعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>