الْعَبْدَيْنِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ لَمْ يَتَحَالَفَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَتْرُكَ حِصَّةَ الْهَالِكِ مِنْ الثَّمَنِ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ الْحَيَّ وَلَا شَيْءَ لَهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَتَحَالَفَانِ فِي الْحَيِّ وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ فِي الْحَيِّ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي
الْعَبْدَيْنِ ثُمَّ اخْتَلَفَا إلَخْ) وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ عَبْدَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَقَبَضَهُمَا الْمُشْتَرِي فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتهمَا مِنْك بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتهمَا مِنْك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَمْ يَتَحَالَفَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَتْرُكَ حِصَّةَ الْهَالِكِ (وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَ الْحَيَّ وَلَا شَيْءَ لَهُ) وَاخْتِلَافُ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي اللَّفْظِ لَا يَخْفَى. وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي تَوْجِيهِ قَوْلِهِ أَنْ يَتْرُكَ حِصَّةَ الْهَالِكِ، وَقَوْلِهِ أَنْ يَأْخُذَ الْحَيَّ وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَفِي مَصْرِفِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا قَالُوا: مَعْنَى الْأَوَّلِ أَنْ يَخْرُجَ الْهَالِكُ مِنْ الْعَقْدِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَصَارَ الثَّمَنُ كُلُّهُ بِمُقَابِلِ الْقَائِمِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ يَنْصَرِفُ إلَى التَّحَالُفِ لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي الْكَلَامِ فَكَانَ تَقْدِيرُ كَلَامِهِ لَمْ يَتَحَالَفَا إلَّا إذَا تَرَكَ الْبَائِعُ حِصَّةَ الْهَالِكِ فَيَتَحَالَفَانِ، وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يَأْخُذُ الْحَيَّ وَلَا شَيْءَ لَهُ مَعْنَاهُ: لَا يَأْخُذُ مِنْ ثَمَنِ الْهَالِكِ شَيْئًا أَصْلًا وَعَلَى هَذَا عَامَّتُهُمْ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ لَمْ يَتَحَالَفَا، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَ الْحَيَّ وَلَا يَأْخُذَ مِنْ ثَمَنِ الْهَالِكِ شَيْئًا آخَرَ زَائِدًا عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي، وَعَلَى هَذَا يَنْصَرِفُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى يَمِينِ الْمُشْتَرِي لَا إلَى التَّحَالُفِ، لِأَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ الْبَائِعُ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي وَصَدَّقَهُ لَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ أَخْذَ الْحَيِّ لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقِ الصُّلْحِ كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ عَنْ الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ، بَلْ بِطَرِيقِ تَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي فِي قَوْلِهِ وَتَرْكِ مَا يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ وَهُوَ أَوْلَى لِمَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إنَّهُ لَوْ كَانَ بِطَرِيقِ الصُّلْحِ لَكَانَ مُعَلَّقًا بِمَشِيئَتِهَا.
قِيلَ: وَالصَّحِيحُ هُوَ الثَّانِي لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَتْرُكُ مِنْ ثَمَنِ الْمَيِّتِ شَيْئًا مِمَّا أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي، إنَّمَا يَتْرُكُ دَعْوَى الزِّيَادَةِ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَتَحَالَفَانِ فِي الْحَيِّ وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ فِي الْحَيِّ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute