إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَتْرُكَ حِصَّةَ الْهَالِكِ أَصْلًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ الثَّمَنُ كُلُّهُ بِمُقَابِلِ الْقَائِمِ وَيَخْرُجُ الْهَالِكُ عَنْ الْعَقْدِ فَيَتَحَالَفَانِ. هَذَا تَخْرِيجُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَيُصْرَفُ الِاسْتِثْنَاءُ عِنْدَهُمْ إلَى التَّحَالُفِ كَمَا ذَكَرْنَا وَقَالُوا: إنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يَأْخُذُ الْحَيَّ وَلَا شَيْءَ لَهُ، مَعْنَاهُ: لَا يَأْخُذُ مِنْ ثَمَنِ الْهَالِكِ شَيْئًا أَصْلًا. وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: يَأْخُذُ مِنْ ثَمَنِ الْهَالِكِ بِقَدْرِ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا لَا يَأْخُذُ الزِّيَادَةَ.
وَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ يَنْصَرِفُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى يَمِينِ الْمُشْتَرِي لَا إلَى التَّحَالُفِ، لِأَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ الْبَائِعُ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي فَقَدْ صَدَّقَهُ فَلَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي،
مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ، فَإِنَّ الْقَصَّارَ مَثَلًا إذَا أَقَامَ بَعْضَ الْعَمَلِ فِي الثَّوْبِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ فَفِي حِصَّةِ الْعَمَلِ الْقَوْلُ لِرَبِّ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ، وَفِي حِصَّةِ مَا بَقِيَ يَتَحَالَفَانِ بِالْإِجْمَاعِ، فَكَانَ اسْتِيفَاءُ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ كَهَلَاكِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ. وَفِيهِ التَّحَالُفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا دُونَ هَلَاكِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ السِّلْعَةَ فِي الْبَيْعِ وَاحِدَةٌ، فَإِذَا تَعَذَّرَ الْفَسْخُ بِالْهَلَاكِ فِي الْبَعْضِ تَعَذَّرَ فِي الْبَاقِي.
وَأَمَّا الْإِجَارَةُ فَهِيَ عُقُودٌ مُتَفَرِّقَةٌ تَتَجَدَّدُ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْعَمَلِ بِمَنْزِلَةِ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ عَلَى حِدَةٍ فَبِتَعَذُّرِ الْفَسْخِ فِي بَعْضٍ لَا يَتَعَذَّرُ فِي الْبَاقِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute