للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي الْبَيِّنَاتِ يُعْتَبَرُ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ لَا يَعْلَمَانِ حَقِيقَةَ الْحَالِ فَاعْتُبِرَ الظَّاهِرُ فِي حَقِّهِمَا وَالْبَائِعُ مُدَّعٍ ظَاهِرًا فَلِهَذَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا وَتَتَرَجَّحُ بِالزِّيَادَةِ الظَّاهِرَةِ عَلَى مَا مَرَّ، وَهَذَا يُبَيِّنُ لَك مَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ. .

قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَعُودُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ) وَنَحْنُ مَا أَثْبَتْنَا التَّحَالُفَ فِيهِ بِالنَّصِّ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ وَالْإِقَالَةُ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ،

فَمَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَالِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْإِقْدَامُ عَلَى الْقَسَمِ بِجَهَالَةٍ، وَمَبْنَى الْبَيِّنَاتِ عَلَى الظَّاهِرِ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يُخْبِرُ عَنْ فِعْلِ غَيْرِهِ لَا عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْحَالُ فِي الْوَاقِعِ عَلَى خِلَافِ مَا ظَهَرَ عِنْدَهُ بِهَزْلٍ أَوْ تَلْجِئَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَإِذَا ظَهَرَ هَذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ حَقِيقَةً إذْ هُوَ أَعْلَمُ بِحَالِ نَفْسِهِ، وَأَنْ تُقْبَلَ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ فِي الظَّاهِرِ.

وَإِذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ تَتَرَجَّحُ بِالزِّيَادَةِ الظَّاهِرَةِ عَلَى مَا مَرَّ، وَفِي كَلَامِهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ عَلَّلَ اعْتِبَارَ الْحَقِيقَةِ فِي الْأَيْمَانِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهَا تَتَوَجَّهُ عَلَى أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَهُمَا يَعْرِفَانِ حَقِيقَةَ. الْحَالِ فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمُدَّعِي، فَإِنَّ تَوَجُّهَ الْيَمِينِ عَلَى أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ دُونَ الْوَكِيلِ وَالنَّائِبِ إنَّمَا هُوَ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْأَيْمَانِ هُوَ الْحَقِيقَةُ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ دَلِيلٌ لَا تَعْلِيلٌ، وَالْفَرْقُ بَيِّنٌ عِنْدَ الْمُحَصَّلَيْنِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ (يُبَيِّنُ مَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ) مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي التَّحَالُفِ وَتَفْرِيعَاتِهِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ

. قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً إلَخْ) وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَنَقَدَ ثَمَنَهَا وَقَبَضَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا وَلَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ بَعْدَ الْإِقَالَةِ حَتَّى اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَعُودُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ حَتَّى يَكُونَ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ وَحَقُّ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْإِقَالَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ سَوَاءٌ فَسَخَاهَا بِأَنْفُسِهِمَا أَوْ فَسَخَهَا الْقَاضِي لِأَنَّهَا كَالْبَيْعِ لَا تَنْفَسِخُ إلَّا بِالْفَسْخِ. فَإِنْ قِيلَ: النَّصُّ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْإِقَالَةَ فَمَا وَجْهُ جَرَيَانِ التَّحَالُفِ فِيهَا؟ أَجَابَ بِقَوْلِهِ (وَنَحْنُ مَا أَثْبَتْنَا التَّحَالُفَ بِالنَّصِّ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ وَالْإِقَالَةُ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) فَلَا تَدْخُلُ تَحْتَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>