للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَنْفَعَةِ يَبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُؤَجِّرِ، وَأَيُّهُمَا نَكَلَ لَزِمَهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ، وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ، وَلَوْ أَقَامَاهَا فَبَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ أَوْلَى إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأُجْرَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَنَافِعِ فَبَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا قُبِلَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْفَضْلِ) نَحْوُ أَنْ يَدَّعِيَ هَذَا شَهْرًا بِعَشْرَةٍ وَالْمُسْتَأْجِرُ شَهْرَيْنِ بِخَمْسَةٍ يَقْضِي بِشَهْرَيْنِ بِعَشْرَةٍ.

قَالَ (وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يَتَحَالَفَا

بِشَهْرَيْنِ بِعِشْرِينَ، وَإِنْ عَجَزَا تَحَالَفَا وَتَرَادَّا فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ التَّحَالُفَ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى وِفَاقِ الْقِيَاسِ كَمَا مَرَّ، وَالْإِجَارَةُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ نَظِيرُ الْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ فِي كَوْنِهِمَا عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ يُقْبَلُ الْفَسْخُ، فَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأُجْرَةِ بُدِئَ بِيَمِينِ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِوُجُوبِ الزِّيَادَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُبْدَأَ بِيَمِينِ الْآجِرِ لِتَعْجِيلِ فَائِدَةِ النُّكُولِ فَإِنَّ تَسْلِيمَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَاجِبٌ أَوَّلًا عَلَى الْآجِرِ ثُمَّ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَهُ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ إنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةَ التَّعْجِيلِ فَهُوَ الْأَسْبَقُ إنْكَارًا فَيُبْدَأُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ لَا يَمْتَنِعُ الْآجِرُ مِنْ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبْضِ الْأُجْرَةِ فَبَقِيَ إنْكَارُ الْمُسْتَأْجِرِ لِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ فَيَحْلِفُ، وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَنْفَعَةِ بُدِئَ بِيَمِينِ الْآجِرِ لِذَلِكَ، وَأَيُّهُمَا نَكَلَ لَزِمَهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَلَمْ يَتَحَالَفَا فِي الثَّانِي وَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ. وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ هَلَاكَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يَمْنَعُ التَّحَالُفَ عَلَى أَصْلِهِمَا، وَكَذَا عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ، لِأَنَّ فَائِدَةَ التَّحَالُفِ فَسْخُ الْعَقْدِ وَيَقْتَضِي وُجُودَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَمَا قَامَ مَقَامَهُ مِنْ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهُمَا بِمَوْجُودٍ فِي الْإِجَارَةِ، وَأَمَّا الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ فَلِأَنَّهُ عَرَضٌ لَا يَبْقَى زَمَانَيْنِ، وَأَمَّا مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تَتَقَوَّمُ بِنَفْسِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>