للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ فِي نَاقَةٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ فَقَضَى بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ».

وَحَدِيثُ الْقُرْعَةِ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ نُسِخَ، وَلِأَنَّ الْمُطْلَقَ لِلشَّهَادَةِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحْتَمَلُ الْوُجُودِ بِأَنْ يَعْتَمِدَ أَحَدُهُمَا سَبَبَ الْمِلْكِ وَالْآخَرُ الْيَدَ فَصَحَّتْ الشَّهَادَتَانِ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِمَا مَا أَمْكَنَ، وَقَدْ أَمْكَنَ بِالتَّنْصِيفِ إذْ الْمَحِلُّ يَقْبَلُهُ، وَإِنَّمَا يُنَصَّفُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ.

وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَقَالَ : مَا أَحْوَجَكُمَا إلَى سِلْسِلَةٍ كَسِلْسِلَةِ بَنِي إسْرَائِيلَ، كَانَ دَاوُد إذَا جَلَسَ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ نَزَلَتْ سِلْسِلَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِعُنُقِ الظَّالِمِ، ثُمَّ قَضَى بِهِ رَسُولُنَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ» وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ الْقُرْعَةِ أَنَّهُ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ وَقْتَ إبَاحَةِ الْقِمَارِ ثُمَّ انْتَسَخَ بِحُرْمَةِ الْقِمَارِ، لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمُسْتَحَقِّ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي إيجَابِ الْحَقِّ لِمَنْ خَرَجَتْ لَهُ، فَكَمَا أَنَّ تَعْلِيقَ الِاسْتِحْقَاقِ بِخُرُوجِ الْقُرْعَةِ قِمَارٌ فَكَذَلِكَ تَعْيِينُ الْمُسْتَحَقِّ، وَلَا نُسَلِّمُ كَذِبَ أَحَدِهِمَا بِيَقِينٍ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ لِلشَّهَادَةِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحْتَمَلُ الْوُجُودِ، فَإِنَّ صِحَّةَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَا تَعْتَمِدُ وُجُودَ الْمِلْكِ حَقِيقَةً لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْبٌ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْعِبَادُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>