للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا الشِّرَاءُ وَالصَّدَقَةُ مَعَ الْقَبْضِ لِمَا بَيَّنَّا (وَالْهِبَةُ وَالْقَبْضُ وَالصَّدَقَةُ مَعَ الْقَبْضِ سَوَاءٌ حَتَّى يَقْضِيَ بَيْنَهُمَا) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي وَجْهِ التَّبَرُّعِ، وَلَا تَرْجِيحَ بِاللُّزُومِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْمَآلِ وَالتَّرْجِيحُ بِمَعْنًى قَائِمٍ فِي الْحَالِ، وَهَذَا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ صَحِيحٌ، وَكَذَا فِيمَا يَحْتَمِلُهَا عِنْدَ الْبَعْضِ لِأَنَّ الشُّيُوعَ طَارِئٌ. وَعِنْدَ الْبَعْضِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ تَنْفِيذُ الْهِبَةِ فِي الشَّائِعِ وَصَارَ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الِارْتِهَانِ وَهَذَا أَصَحُّ.

وَالْهِبَةُ لَا تُثْبِتُهُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَكَانَ الشِّرَاءُ وَالْهِبَةُ ثَابِتَيْنِ مَعًا، وَالشِّرَاءُ يُثْبِتُ الْمِلْكَ دُونَ الْهِبَةِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى الْقَبْضِ، وَكَذَا إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا الشِّرَاءَ وَالْآخَرُ الصَّدَقَةَ وَالْقَبْضَ.

وَقَوْلُهُ (لِمَا بَيَّنَّا) إشَارَةٌ إلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ الشِّرَاءَ أَقْوَى (وَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا هِبَةً وَقَبْضًا وَالْآخَرُ صَدَقَةً وَقَبْضًا فَهُمَا سَوَاءٌ، وَيُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي وَجْهِ التَّبَرُّعِ) فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ التَّسَاوِيَ فَإِنَّ الصَّدَقَةَ لَازِمَةٌ لَا تَقْبَلُ الرُّجُوعَ دُونَ الْهِبَةِ.

أَجَابَ بِقَوْلِهِ وَلَا تَرْجِيحَ بِاللُّزُومِ.

وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ التَّرْجِيحَ بِاللُّزُومِ تَرْجِيحٌ بِمَا يَرْجِعُ إلَى الْمَآلِ: أَيْ بِمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي ثَانِي الْحَالِ، إذْ اللُّزُومُ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ صِحَّةِ الرُّجُوعِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا تَرْجِيحَ بِمَا يَرْجِعُ إلَى الْمَآلِ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ إنَّمَا يَكُونُ بِمَعْنًى قَائِمٍ فِي الْحَالِ (وَهَذَا) أَيْ الْحُكْمُ بِالتَّنْصِيفِ بَيْنَهُمَا (فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ) كَالْحَمَّامِ وَالرَّحَى صَحِيحٌ (وَكَذَا فِيمَا يَحْتَمِلُهَا) كَالدَّارِ وَالْبُسْتَانِ (عِنْدَ الْبَعْضِ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَثْبَتَ قَبْضَهُ فِي الْكُلِّ، ثُمَّ الشُّيُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ طَارِئٌ وَهَذَا لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْهِبَةِ فَالصَّدَقَةِ (وَعِنْدَ الْبَعْضِ لَا يَصِحُّ) وَلَا يُقْضَى لَهُمَا بِشَيْءٍ (لِأَنَّهُ تَنْفِيذُ الْهِبَةِ فِي الشَّائِعِ فَصَارَ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الِارْتِهَانِ) قِيلَ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ عَلَى قِيَاسِ هِبَةِ إيرَادِ الدَّارِ لِرَجُلَيْنِ.

وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، لِأَنَّا لَوْ قَضَيْنَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ فَإِنَّمَا نَقْضِي لَهُ بِالْعَقْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>