فَلَوْ كَبِرَ وَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِأَنَّهُ ظَهَرَ الرِّقُّ عَلَيْهِ فِي حَالِ صِغَرِهِ.
قَالَ: (وَإِذَا كَانَ الْحَائِطُ لِرَجُلٍ عَلَيْهِ جُذُوعٌ أَوْ مُتَّصِلٌ بِبِنَائِهِ وَلِآخَرَ عَلَيْهِ هَرَادِيٌّ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ وَالِاتِّصَالِ، وَالْهَرَادِيُّ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ) لِأَنَّ صَاحِبَ الْجُذُوعِ صَاحِبُ اسْتِعْمَالٍ وَالْآخَرُ صَاحِبُ تَعَلُّقٍ فَصَارَ كَدَابَّةٍ تَنَازَعَا فِيهَا وَلِأَحَدِهِمَا حِمْلٌ عَلَيْهَا وَلِلْآخَرِ كُوزٌ مُعَلَّقٌ بِهَا، وَالْمُرَادُ بِالِاتِّصَالِ مُدَاخَلَةُ لَبِنِ جِدَارِهِ فِيهِ وَلَبِنِ هَذَا فِي جِدَارِهِ وَقَدْ يُسَمَّى اتِّصَالُ تَرْبِيعٍ،
بِإِقْرَارِهِ بَلْ بِدَعْوَى ذِي الْيَدِ، إلَّا أَنَّ عِنْدَ مُعَارَضَتِهِ إيَّاهُ بِدَعْوَى الْحُرِّيَّةِ لَا تَتَقَرَّرُ يَدُهُ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ عَدَمِهَا تَتَقَرَّرُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ حِينَئِذٍ قَوْلَهُ فِي رِقِّهِ كَاَلَّذِي لَا يَعْقِلُ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَهُوَ عَبْدٌ لِلَّذِي فِي يَدِهِ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ كَانَ كَمَتَاعٍ لَا يَدَ لَهُ فِي نَفْسِهِ.
وَاعْتُرِضَ بِالْمُلْتَقِطِ إذَا ادَّعَى رِقَّ لَقِيطٍ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَبْدَهُ، وَبِأَنَّ الرِّقَّ مِنْ الْعَوَارِضِ إذْ الْأَصْلُ الْحُرِّيَّةُ وَهُوَ يَدْفَعُ الْعَارِضَ، فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ لَا يُصَدَّقَ ذُو الْيَدِ إلَّا بِحُجَّةٍ.
وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ فَرْضَ الِالْتِقَاطِ يُضْعِفُ الْيَدَ لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ أَمِينٌ فِي اللَّقِيطِ وَيَدُ الْأَمِينِ فِي الْحُكْمِ يَدُ غَيْرِهِ فَكَانَتْ ثَابِتَةً مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَلَا يَثْبُتُ بِهَا الرِّقُّ.
وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْأَصْلَ يُتْرَكُ بِدَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ وَالْيَدُ عَلَى مِنْ ذَلِكَ شَأْنُهُ لِكَوْنِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَتَاعِ دَلِيلُ الْمِلْكِ فَيُتْرَكُ بِهِ الْأَصْلُ، فَلَوْ كَبَّرَ وَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ لَمْ يَكُنْ الْقَوْلُ لِظُهُورِ الرِّقِّ عَلَيْهِ فِي حَالِ صِغَرِهِ.
قَالَ (وَإِذَا كَانَ الْحَائِطُ لِرَجُلٍ إلَخْ) وَإِذَا كَانَ الْحَائِطُ لِرَجُلٍ عَلَيْهِ جُذُوعٌ أَوْ مُتَّصِلٌ بِبِنَائِهِ وَلِآخَرَ عَلَيْهِ هَرَادِيُّ جَمْعُ هَرْدِيَّةٍ وَهِيَ قَصَبَاتٌ تُضَمُّ مَلْوِيَّةً بِطَاقَاتٍ مِنْ الْكَرْمِ يُرْسَلُ عَلَيْهَا قُضْبَانُ الْكَرْمِ، ذَكَرَهُ فِي الْمُغْرِبِ عَنْ اللَّيْثِ، يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ وَرَدُّوك (فَهُوَ) أَيْ الْحَائِطُ (لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ وَالِاتِّصَالِ وَالْهَرَادِيُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ صَاحِبَ الْجُذُوعِ صَاحِبُ اسْتِعْمَالٍ وَالْآخَرُ صَاحِبُ تَعَلُّقٍ بِهِ، فَصَارَ كَدَابَّةٍ تَنَازَعَا فِيهَا وَلِأَحَدِهِمَا عَلَيْهَا حِمْلٌ وَلِلْآخَرِ كُوزٌ مُعَلَّقٌ بِهَا، وَالْمُرَادُ بِالِاتِّصَالِ) الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ أَوْ مُتَّصِلٌ بِبِنَائِهِ (مُدَاخَلَةُ لَبِنِ جِدَارِهِ فِيهِ وَلَبِنِ هَذَا فِي جِدَارِهِ، وَقَدْ يُسَمَّى اتِّصَالُ تَرْبِيعٍ) وَتَفْصِيلُ التَّرْبِيعِ إذَا كَانَ الْحَائِطُ مِنْ مَدَرٍ أَوْ آجُرٍّ أَنْ تَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute