فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ مَيِّتًا فَالْمَالُ لِلْمُوصِي وَالْمُوَرِّثِ حَتَّى يُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ) لِأَنَّهُ إقْرَارٌ فِي الْحَقِيقَةِ لَهُمَا، وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَى الْجَنِينِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ (وَلَوْ جَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ حَيَّيْنِ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ بَاعَنِي أَوْ أَقْرَضَنِي لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) لِأَنَّهُ بَيَّنَ مُسْتَحِيلًا.
مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ غَيْرَ صَالِحٍ مِثْلُ أَنْ قَالَ بَاعَنِي أَوْ أَقْرَضَنِي لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ بَيَّنَ مُسْتَحِيلًا لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِمَا مِنْ الْجَنِينِ لَا حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا حُكْمًا لِأَنَّهُ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَانَ ذَلِكَ رُجُوعًا وَهُوَ فِي الْإِقْرَارِ لَا يَصِحُّ.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِرُجُوعٍ بَلْ ظُهُورِ كَذِبِهِ بِيَقِينٍ كَمَا لَوْ قَالَ قَطَعْت يَدَ فُلَانٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَيَدُ فُلَانٍ صَحِيحَةٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ لِلرَّضِيعِ وَبَيَّنَ السَّبَبَ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ ذَلِكَ مِنْهُ حَقِيقَةً فَقَدْ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ حُكْمًا بِنَائِبِهِ وَهُوَ الْقَاضِي أَوْ مَنْ يَأْذَنُ لَهُ الْقَاضِي، وَإِذَا تُصُوِّرَ بِالنَّائِبِ جَازَ لِلْمُقِرِّ إضَافَةُ الْإِقْرَارِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبًا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَبْهَمَ الْإِقْرَارَ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَصَحَّحَهُ مُحَمَّدٌ، لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إذَا صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحَلِّهِ كَانَ حُجَّةً يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا، وَلَا نِزَاعَ فِي صُدُورِهِ عَنْ أَهْلِهِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَفْرُوضُ وَأَمْكَنَ إضَافَتُهُ إلَى الْمَحَلِّ بِحَمْلِهِ عَلَى السَّبَبِ الصَّالِحِ حَمْلًا لِكَلَامِ الْعَاقِلِ عَلَى الصِّحَّةِ، كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ إذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ فَإِنَّ إقْرَارَهُ وَإِنْ احْتَمَلَ الْفَسَادَ بِكَوْنِهِ صَدَاقًا أَوْ دَيْنَ كَفَالَةٍ وَالصِّحَّةُ بِكَوْنِهِ مِنْ التِّجَارَةِ كَانَ صَحِيحًا تَصْحِيحًا لِكَلَامِ الْعَاقِلِ.
وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ مُطْلَقَ الْإِقْرَارِ يَنْصَرِفُ إلَى الْإِقْرَارِ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ وَلِهَذَا حُمِلَ إقْرَارُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ وَأَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute