(وَمَنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ ثُمَّ افْتَتَحَ الْعَصْرَ أَوْ التَّطَوُّعَ فَقَدْ نَقَضَ الظُّهْرَ) لِأَنَّهُ صَحَّ شُرُوعُهُ فِي غَيْرِهِ فَيَخْرُجُ عَنْهُ (وَلَوْ افْتَتَحَ الظُّهْرَ بَعْدَمَا صَلَّى مِنْهَا رَكْعَةً فَهِيَ هِيَ وَيَتَجَزَّأُ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ) لِأَنَّهُ نَوَى الشُّرُوعَ فِي عَيْنِ مَا هُوَ فِيهِ فَلَغَتْ نِيَّتُهُ وَبَقِيَ الْمَنْوِيُّ عَلَى حَالِهِ
(وَإِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ مِنْ الْمُصْحَفِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ وَقَالَا هِيَ تَامَّةٌ) لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ انْضَافَتْ إلَى عِبَادَةٍ أُخْرَى
الِاسْتِرْجَاعَ لِإِظْهَارِ الْمُصِيبَةِ وَمَا شُرِعَتْ الصَّلَاةُ لِأَجْلِهِ وَالتَّهْلِيلُ لِلتَّعْظِيمِ وَالتَّوْحِيدِ وَالصَّلَاةُ شُرِعَتْ لَهُ. وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَمْ يَفْسُدْ بِالْإِجْمَاعِ لِقَوْلِهِ ﷺ «إذَا نَابَتْ أَحَدَكُمْ نَائِبَةٌ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُسَبِّحْ فَإِنَّ التَّسْبِيحَ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقَ لِلنِّسَاءِ».
قَوْلُهُ: (وَمَنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ) يَعْنِي إذَا صَلَّى رَجُلٌ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةٍ ثُمَّ افْتَتَحَ افْتِتَاحًا ثَانِيًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ عَيْنَ الْأُولَى أَوْ غَيْرَهَا، فَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَقَدْ نَقَضَ الْأُولَى وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْكِتَابِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ صَحَّ شُرُوعُهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ الْخُرُوجُ عَنْ الْأُولَى فَتَبْطُلُ، وَإِنْ كَانَتَا فَرْضَيْنِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُصَلِّي صَاحِبَ تَرْتِيبٍ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ وَقَعَتْ الثَّانِيَةُ نَفْلًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقَعَتْ فَرْضًا، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْكِتَابِ ثَانِيًا فَقَدْ لَغَتْ نِيَّتُهُ وَبَقِيَ الْمَنْوِيُّ الْأَوَّلُ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ وَيَكُونُ مَا صَلَّى مِنْ الْأُولَى مَحْسُوبًا حَتَّى لَوْ صَلَّى بَعْدَهَا ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ، وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْأُولَى انْتَقَضَتْ وَلَمْ يَقْعُدْ فِي الثَّالِثَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْقَعْدَةَ الْأَخِيرَةَ. وَذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ هَذَا إذَا نَوَى بِقَلْبِهِ، أَمَّا إذَا نَوَى بِلِسَانِهِ وَقَالَ نَوَيْت أَنْ أُصَلِّيَ الظُّهْرَ انْتَقَضَ مَا صَلَّى وَلَا يُجْتَزَأُ بِهِ.
وَقَوْلُهُ: (وَإِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ مِنْ الْمُصْحَفِ) قَيْدُ الْإِمَامِ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُنْفَرِدِ كَذَلِكَ. قِيلَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَيَّدَهُ بِالْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ إلَى تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ، فَرُبَّمَا يَحْتَاجُ إلَى النَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مِقْدَارَ مَا يَقْرَأُ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إذَا قَرَأَ مِقْدَارَ آيَةٍ تَامَّةٍ؛ لِأَنَّ مَا دُونَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ قِرَاءَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إذَا قَرَأَ مِقْدَارَ الْفَاتِحَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ عِنْدَهُ فِي الْإِفْسَادِ سَوَاءٌ، وَعِنْدَهُمَا فِي عَدَمِهِ سَوَاءٌ فَلِهَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْكِتَابِ (لَهُمَا أَنَّهَا) أَيْ الْقِرَاءَةَ (عِبَادَةٌ) وَهُوَ وَاضِحٌ (انْضَافَتْ) أَيْ انْضَمَّتْ (إلَى عِبَادَةٍ) وَهُوَ النَّظَرُ فِي الْمُصْحَفِ لِقَوْلِهِ ﷺ «أَعْطُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute