لِأَنَّ هَذَا اسْتِثْنَاءُ الْمِقْدَارِ وَالِاسْتِثْنَاءُ يَصِحُّ مَوْصُولًا، بِخِلَافِ الزِّيَافَةِ لِأَنَّهَا وَصْفٌ وَاسْتِثْنَاءُ الْأَوْصَافِ لَا يَصِحُّ، وَاللَّفْظُ يَتَنَاوَلُ الْمِقْدَارَ دُونَ الْوَصْفِ وَهُوَ تَصَرُّفٌ لَفْظِيٌّ كَمَا بَيَّنَّا، وَلَوْ كَانَ الْفَصْلُ ضَرُورَةَ انْقِطَاعِ الْكَلَامِ فَهُوَ وَاصِلٌ لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ.
(وَمَنْ أَقَرَّ بِغَصْبِ ثَوْبٍ ثُمَّ جَاءَ بِثَوْبٍ مَعِيبٍ فَالْقَوْلُ لَهُ) لِأَنَّ الْغَصْبَ لَا يَخْتَصُّ بِالسَّلِيمِ.
(وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ: أَخَذْت مِنْك أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً فَهَلَكَتْ فَقَالَ لَا بَلْ أَخَذْتهَا غَصْبًا فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ قَالَ أَعْطَيْتَنِيهَا وَدِيعَةً فَقَالَ لَا بَلْ غَصَبْتَنِيهَا لَمْ يَضْمَنْ) وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَهُوَ الْأَخْذُ ثُمَّ ادَّعَى مَا يُبْرِئُهُ وَهُوَ الْإِذْنُ وَالْآخَرُ
لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ مِقْدَارٍ) وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ (وَلَوْ كَانَ الْفَصْلُ ضَرُورَةَ انْقِطَاعِ الْكَلَامِ فَهُوَ وَاصِلٌ) لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى التَّكَلُّمِ بِكَلَامٍ كَثِيرٍ وَيَذْكُرُ الِاسْتِثْنَاءَ فِي آخِرِهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ فَكَانَ عَفْوًا لِعَدَمِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ
قَالَ (وَمَنْ أَقَرَّ بِغَصْبِ ثَوْبٍ) هَذِهِ تَقَدَّمَ وَجْهُهَا أَنَّ الْغَصْبَ لَا يَخْتَصُّ بِالسَّلِيمِ
(قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ أَخَذْت مِنْك أَلْفَ دِرْهَمٍ) الْمُقِرُّ إمَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ أَخَذْت وَشَبَهِهِ، أَوْ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ كَأَعْطَيْتُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ وَأَتَى بِمَا لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ أَخَذْت وَدِيعَةً فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَذَاكَ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فَإِنْ ادَّعَى مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ بِالْأَخْذِ كَالْقَرْضِ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ.
وَإِنْ ادَّعَى غَيْرَهُ ضَمِنَ الْمُقِرُّ لِأَنَّهُمَا فِي الْأُولَى تَوَافَقَا عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ كَانَ بِالْإِذْنِ وَالْمُقَرُّ لَهُ يَدَّعِي سَبَبَ الضَّمَانِ وَهُوَ الْقَرْضُ وَالْآخَرُ يُنْكِرُهُ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ.
وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ أَعْطَيْتنِي وَدِيعَةً وَادَّعَى الْآخَرُ غَصْبًا لَمْ يَضْمَنْ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَادَّعَى مَا يُبَرِّئُهُ وَأَنْكَرَهُ الْخَصْمُ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَفِي الثَّانِي ادَّعَى الْخَصْمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute