وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ الْفَرْقُ أَنَّ الْيَدَ فِي الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ ضَرُورِيَّةٌ تُثْبِتُ ضَرُورَةَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنَافِعُ، فَيَكُونُ عَدَمًا فِيمَا وَرَاءَ الضَّرُورَةِ فَلَا يَكُونُ إِقْرَارًا لَهُ بِالْيَدِ مُطْلَقًا، بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الْيَدَ فِيهَا مَقْصُودَةٌ، وَالْإِيدَاعُ إِثْبَاتُ الْيَدِ قَصْدًا فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ بِهِ اعْتِرَافًا بِالْيَدِ لِلْمُودِعِ.
وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّ فِي الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ وَالْإِسْكَانِ أَقَرَّ بِيَدٍ ثَابِتَةٍ مِنْ جِهَتِهِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي كَيْفِيَّتِهِ. وَلَا كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا: كَانَتْ وَدِيعَةً، وَقَدْ تَكُونُ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ، حَتَّى لَوْ قَالَ: أَوْدَعْتُهَا
وَهُوَ يُنْكِرُ وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ.
وَقَوْلُهُ (فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي كَيْفِيَّتِهِ) أَيْ فِي كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِ الْيَدِ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ، كَمَا لَوْ قَالَ مَلَكْت عَبْدِي لَك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْ الثَّمَنَ وَلِي حَقُّ الْحَبْسِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَإِنْ زَعَمَ الْآخَرُ خِلَافَهُ.
وَقَوْلُهُ (وَقَدْ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ) كَاللُّقَطَةِ فَإِنَّهَا وَدِيعَةٌ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ صَاحِبُهَا، وَكَذَا إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ وَأَلْقَتْ ثَوْبًا فِي دَارِ إنْسَانٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute