وَهُوَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَبِخِلَافِ الْمُبَايَعَةِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ حَقَ الْغُرَمَاءِ تَعَلَّقَ بِالْمَالِيَّةِ لَا بِالصُّورَةِ، وَفِي حَالَةِ الصِّحَّةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْمَالِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِاكْتِسَابِ فَيَتَحَقَّقُ التَّثْمِيرُ، وَهَذِهِ حَالَةُ الْعَجْزِ وَحَالَتَا الْمَرَضِ حَالَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ حَالَةُ الْحَجْرِ، بِخِلَافِ حَالَتَيِ الصِّحَّةِ
قَوْلُهُ وَهُوَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًّا: يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ حَالَ كَوْنِهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ فَبَاطِلَةٌ وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ تَزَوَّجَ شَيْخٌ فَانٍ رَابِعَةً جَازَ وَلَيْسَ بِمُحْتَاجٍ إلَيْهَا فَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ النِّكَاحَ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ مِنْ مَصَالِحِ الْمَعِيشَةِ وَالْعِبْرَةُ لِأَصْلِ الْوَضْعِ لَا لِلْحَالِ، فَإِنَّ الْحَالَ مِمَّا لَا يُوقَفُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ الْمُبَايَعَةِ) يَعْنِي أَنَّ الْمُبَايَعَةَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ لَا تُبْطِلُ حَقَّ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِيَّةِ لَا بِالصُّوَرِ وَالْمَالِيَّةُ بَاقِيَةٌ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِ الْمَدْيُونِ بَطَلَ إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ حَالَ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمُتَضَمِّنَ لِإِبْطَالِ حَقِّ الْغَيْرِ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ كَمَا مَرَّ.
أَجَابَ بِقَوْلِهِ (وَفِي حَالِ الصِّحَّةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْمَالِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِاكْتِسَابِ فَيَتَحَقَّقُ التَّثْمِيرُ) فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْلِيقِ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ (وَهَذِهِ) أَيْ حَالَةُ الْمَرَضِ (حَالَةُ الْعَجْزِ) عَنْ الِاكْتِسَابِ فَيَتَعَلَّقُ حَقُّهُمْ بِهِ حَذَرًا عَنْ التَّوَى.
فَإِنْ قِيلَ: سَلَّمْنَا ذَلِكَ لَكِنْ إذَا أَقَرَّ فِي الْمَرَضِ ثَانِيًا وَجَبَ أَنْ لَا يَصِحَّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ بِمَالِهِ كَمَا لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ لِذَلِكَ.
أَجَابَ بِقَوْلِهِ (وَحَالَتَا الْمَرَضِ حَالَةٌ وَاحِدَةٌ) يَعْنِي أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ بَعْدَ اتِّصَالِ الْمَوْتِ بِهِ حَالَةٌ وَاحِدَةٌ (لِأَنَّ حَالَةَ الْحَجْرِ) فَكَانَا بِمَنْزِلَةِ إقْرَارٍ وَاحِدٍ كَحَالَتَيْ الصِّحَّةِ فَيُعْتَبَرُ الْإِقْرَارَانِ جَمِيعًا (بِخِلَافِ حَالَتَيْ الصِّحَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute