وَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ لِآخَرَ لَمْ يَصِحَّ فِي حَقِ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِهِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ دُونَ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّ فِي إِيثَارِ الْبَعْضِ إِبْطَالُ حَقِ الْبَاقِينَ، وَغُرَمَاءُ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، إِلَّا إِذَا قَضَى مَا اسْتَقْرَضَ فِي مَرَضِهِ أَوْ نَقَدَ ثَمَنَ مَا اشْتَرَى فِي مَرَضِهِ وَقَدْ عُلِمَ بِالْبَيِّنَةِ.
قَالَ (وَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ لِآخَرَ لَمْ يَصِحَّ) الْإِقْرَارُ بِالْعَيْنِ فِي الْمَرَضِ كَالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ فِيهِ يَمْنَعُهُ عَنْ ذَلِكَ تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِالْعَيْنِ (وَلَا يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ دُونَ بَعْضٍ) سَوَاءٌ كَانُوا غُرَمَاءَ الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ أَوْ مُخْتَلِطِينَ (لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إبْطَالَ حَقِّ الْبَاقِينَ) فَلَا يَصِحُّ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُسَلَّمْ الْمَقْبُوضُ لِلْقَابِضِ بَلْ يَكُونُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ عِنْدَنَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: سُلِّمَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَرِيضَ نَاظِرٌ لِنَفْسِهِ فِيمَا يَصْنَعُ فَرُبَّمَا يَقْضِي مَنْ يَخَافُ أَنْ لَا يُسَامِحَهُ بِالْإِبْرَاءِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَيُخَاصِمُهُ فِي الْآخِرَةِ، وَالتَّصَرُّفُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ غَيْرُ مَرْدُودٍ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا قَضَى مَا اسْتَقْرَضَ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ، وَمَعْنَاهُ: إذَا قُضِيَ فِي مَرَضِهِ مَا اسْتَقْرَضَهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ نَقَدَ ثَمَنَ مَا اشْتَرَى كَذَلِكَ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْمُعَايَنَةِ جَازَ وَسُلِّمَ الْمَقْبُوضُ لِلْقَابِضِ لَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُبْطِلْ حَقَّ الْغُرَمَاءِ وَإِنَّمَا حَوَّلَهُ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ يَعْدِلُهُ.
أَرَأَيْت لَوْ رَدَّ مَا اسْتَقْرَضَهُ بِعَيْنِهِ أَوْ فَسَخَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute