قَالَ: (وَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنَ الدَّيْنِ وَمِنْ مِيرَاثِهَا مِنْهُ)
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ: أَعْنِي غَيْرَ الْمُسْتَمِرِّ وَارِثًا فِي الْحَالَيْنِ غَيْرَ وَارِثٍ بَيْنَهُمَا، فَذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْجُهٍ: فَفِيمَا لَمْ يَكُنْ أَصْلًا صَحَّ إقْرَارُهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَفِيمَا كَانَ وَارِثًا مُسْتَمِرًّا لَا يَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ، وَفِيمَا كَانَ وَارِثًا حَالَةَ الْإِقْرَارِ دُونَ الْمَوْتِ، فَإِنْ كَانَ الِانْتِفَاءُ لِحَجْبٍ كَمَا إذَا أَقَرَّ لِأَخِيهِ وَهُوَ وَارِثٌ ثُمَّ وُلِدَ وَلَدٌ أَوْ أَسْلَمَ الْوَلَدُ الْكَافِرُ أَوْ أُعْتِقَ الرَّقِيقُ صَحَّ الْإِقْرَارُ بِاتِّفَاقٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا لِأَنَّ الْوِرَاثَةَ بِالْمَوْتِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَارِثًا كَانَ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ: أَيْ لِغَيْرِ الْحَجْبِ كَمَا إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِهِ ثَلَاثًا بِأَمْرِهَا وَقَدْ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الدَّيْنِ وَالْمِيرَاثِ لِوُجُودِ تُهْمَةِ الْإِيثَارِ بِقِيَامِ الْعِدَّةِ فَلَعَلَّهُ اسْتَقَلَّ مِيرَاثَهَا، وَبَابُ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ مَسْدُودٌ فَأَقْدَم عَلَى الطَّلَاقِ لِيَصِحَّ الْإِقْرَارُ بِزِيَادَةٍ عَلَى مِيرَاثِهَا، وَلَا تُهْمَةَ فِي الْأَقَلِّ فَيَثْبُتُ، وَفِيمَا إذَا كَانَ وَارِثًا حَالَةَ الْمَوْتِ دُونَ الْإِقْرَارِ، فَإِنْ كَانَ لِحَجْبٍ كَمَا إذَا أَقَرَّ لِأَخِيهِ وَلَهُ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ بَطَلَ إقْرَارُهُ، خِلَافًا لِزُفَرَ اعْتِبَارًا لِحَالَةِ الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ مُوجِبٌ بِنَفْسِهِ وَقَدْ حَصَلَ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَيَصِحُّ كَمَا إذَا أَقَرَّ لِأَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا.
قُلْنَا: الْإِقْرَارُ لِلْوَارِثِ لَا يَصِحُّ، وَقَدْ تَبَيَّنَ بِمَوْتِ الْحَاجِبِ وِرَاثَتُهُ فَيَبْطُلُ إقْرَارُهُ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيَّةِ فَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَارِثَةً قَبْلَ التَّزَوُّجِ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ وَقَدْ اسْتَنَدَ السَّبَبُ، كَمَا إذَا أَقَرَّ لِأَجْنَبِيٍّ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ ادَّعَى نَسَبَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ فَبَطَلَ إقْرَارُهُ إنْ لَمْ يَسْتَنِدْ، كَمَا إذَا أَقَرَّ لِأَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَبْطُلْ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ بِالْمُسْتَنِدِ تَبَيَّنَ كَوْنُ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَفِيمَا كَانَ وَارِثًا فِي الْحَالَيْنِ دُونَ الْوَسَطِ كَمَا إذَا أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ وَمَاتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute