وَلِأَنَّ هَذَا صُلْحٌ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ فَيُقْضَى بِجَوَازِهِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُهُ عِوَضًا عَنْ حَقِّهِ فِي زَعْمِهِ وَهَذَا مَشْرُوعٌ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدْفَعُهُ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ وَهَذَا مَشْرُوعٌ أَيْضًا؛ إِذِ الْمَالُ وِقَايَةُ الْأَنْفُسِ وَدَفْعُ الرِّشْوَةِ لِدَفْعِ الظُّلْمِ أَمْرٌ جَائِزٌ.
أَوْ حَرَامًا لِعَيْنِهِ (وَلِأَنَّ هَذَا صُلْحٌ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ) فَكَانَ كَالصُّلْحِ مَعَ الْإِقْرَارِ (فَيُقْضَى بِجَوَازِهِ) لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ، لِأَنَّ الْمَانِعَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ الدَّافِعِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْآخِذِ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهُمَا بِمَوْجُودٍ.
أَمَّا الثَّانِي (فَلِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُهُ فِي زَعْمِهِ عِوَضًا عَنْ حَقِّهِ وَذَلِكَ مَشْرُوعٌ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدْفَعُهُ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ، وَهَذَا أَيْضًا مَشْرُوعٌ إذْ الْمَالُ وِقَايَةُ الْأَنْفُسِ وَدَفْعُ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ بِالرِّشْوَةِ أَمْرٌ جَائِزٌ) لَا يُقَالُ: لَا نُسَلِّمُ الْجَوَازَ لِقَوْلِهِ ﷺ «لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ» وَهُوَ عَامٌّ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ ضَرَرٌ مَحْضٌ فِي أَمْرٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ، كَمَا إذَا دَفَعَ الرِّشْوَةَ حَتَّى أَخْرَجَ الْوَالِي أَحَدَ الْوَرَثَةِ عَنْ الْإِرْثِ، وَأَمَّا دَفْعُ الرِّشْوَةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ فَجَائِزٌ لِلدَّافِعِ، وَتَمَامُهُ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ لِلرَّازِيِّ.
فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَهُوَ مُنْكِرٌ وَتَصَالَحَا عَلَى دَنَانِيرَ مُسَمَّاةٍ ثُمَّ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute