للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قِطْعَةٍ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ لِأَنَّ مَا قَبَضَهُ مِنْ عَيْنِ حَقِّهِ وَهُوَ عَلَى دَعْوَاهُ فِي الْبَاقِي. وَالْوَجْهُ فِيهِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَزِيدَ دِرْهَمًا فِي بَدَلِ الصُّلْحِ فَيَصِيرَ ذَلِكَ عِوَضًا عَنْ حَقِّهِ فِيمَا بَقِيَ، أَوْ يَلْحَقَ بِهِ ذِكْرُ الْبَرَاءَةِ عَنْ دَعْوَى الْبَاقِي.

قِطْعَةٍ مِنْهَا) كَبَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهَا بِعَيْنِهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ مَا قَبَضَهُ بَعْضُ حَقِّهِ وَهُوَ عَلَى دَعْوَاهُ فِي الْبَاقِي (وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى بَعْضَ حَقِّهِ) وَأَبْرَأَ عَنْ الْبَاقِي، الْإِبْرَاءُ عَنْ الْعَيْنِ بَاطِلٌ فَكَانَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءً.

وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَذَكَرَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ الْإِبْرَاءَ لَاقَى عَيْنًا وَدَعْوَى، وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّعْوَى صَحِيحٌ، فَإِنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَبْرَأْتُك عَنْ دَعْوَى هَذَا الْعَيْنِ صَحَّ، وَلَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ تُسْمَعْ.

وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ عَلَى قِطْعَةٍ مِنْهَا لِأَنَّ الصُّلْحَ إذَا وَقَعَ عَلَى بَيْتٍ مَعْلُومٍ مِنْ دَارٍ أُخْرَى صَحَّ لِكَوْنِهِ حِينَئِذٍ بَيْعًا، وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَى سُكْنَى بَيْتٍ مُعَيَّنٍ مِنْ غَيْرِهَا لِكَوْنِهِ إجَارَةً حَتَّى يَشْتَرِطَ كَوْنَ الْمُدَّةِ مَعْلُومَةً، وَلَوْ أَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يَدَّعِيَ الْبَقِيَّةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِوُصُولِ كُلِّ حَقِّهِ إلَيْهِ بِاعْتِبَارِ بَدَلِهِ عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً.

قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالْوَجْهُ فِيهِ) أَيْ الْحِيلَةُ فِي تَصْحِيحِ الصُّلْحِ إذَا كَانَ عَلَى قِطْعَةٍ مِنْهَا (أَحَدُ أَمْرَيْنِ أَنْ يَزِيدَ دِرْهَمًا فِي بَدَلِ الصُّلْحِ لِيَصِيرَ عِوَضًا عَنْ حَقِّهِ فِيمَا بَقِيَ أَوْ يُلْحِقَ بِهِ ذِكْرَ الْبَرَاءَةِ عَنْ دَعْوَى الْبَاقِي) مِثْلَ أَنْ يَقُولَ بَرِئْت مِنْ دَعْوَايَ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِمُصَادَفَةِ الْبَرَاءَةِ الدَّعْوَى وَهُوَ صَحِيحٌ، حَتَّى لَوْ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ وَجَاءَ بِبَيِّنَةٍ لَمْ تُقْبَلْ.

وَفِي ذِكْرِ لَفْظِ الْبَرَاءَةِ دُونَ الْإِبْرَاءِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَبْرَأْتُك عَنْ دَعْوَايَ أَوْ خُصُومَتِي فِي هَذِهِ الدَّارِ كَانَ بَاطِلًا وَلَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ أَبْرَأْتُك إنَّمَا يَكُونُ إبْرَاءً مِنْ الضَّمَانِ لَا مِنْ الدَّعْوَى، وَقَوْلُهُ بَرِئْت بَرَاءَةً مِنْ الدَّعْوَى، كَذَا قَالُوا وَنَقَلَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ.

وَنَقَلَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ عَنْ الْوَاقِعَاتِ فِي تَعْلِيلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَبْرَأْتُك عَنْ خُصُومَتِي فِي هَذِهِ الدَّارِ خِطَابٌ لِلْوَاحِدِ فَلَهُ أَنْ يُخَاصِمَ غَيْرَهُ فِي ذَلِكَ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ بَرِئْت لِأَنَّهُ أَضَافَ الْبَرَاءَةَ إلَى نَفْسِهِ مُطْلَقًا فَيَكُونُ هُوَ بَرِيئًا.

وَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ قَوْلَ صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ: وَلَهُ أَنْ يُخَاصِمَ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ، مَعْنَاهُ عَلَى غَيْرِ الْمُخَاطَبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>