وَلَوْ كَانَتِ التَّرِكَةُ غَيْرَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لَكِنَّهَا أَعْيَانٌ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ قِيلَ: لَا يَجُوزُ لِكَوْنِهِ بَيْعًا إِذِ الْمُصَالَحُ عَنْهُ عَيْنٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّهَا لَا تُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ لِقِيَامِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ فِي يَدِ الْبَقِيَّةِ مِنَ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ وَلَا الْقِسْمَةُ لِأَنَّ التَّرِكَةَ لَمْ يَتَمَلَّكْهَا الْوَارِثُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَالِحُوا مَا لَمْ يَقْضُوا دَيْنَهُ فَتُقَدَّمَ حَاجَةُ الْمَيِّتِ، وَلَوْ فَعَلُوا قَالُوا يَجُوزُ. وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ ﵀ فِي الْقِسْمَةِ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَتَجُوزُ قِيَاسًا.
فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ أَوْ أَقَلَّ فَفِيهِ شُبْهَةُ الشُّبْهَةِ وَلَيْسَتْ بِمُعْتَبَرَةٍ (وَلَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ غَيْرَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لَكِنَّهَا أَعْيَانٌ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ) فَصَالَحُوا عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (قِيلَ لَا يَجُوزُ لِكَوْنِهِ بَيْعًا) إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ إبْرَاءً (لِأَنَّ الْمُصَالَحَ عَنْهُ عَيْنٌ) وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الْعَيْنِ لَا يَجُوزُ، وَإِذَا كَانَ بَيْعًا كَانَتْ الْجَهَالَةُ مَانِعَةً (وَقِيلَ يَجُوزُ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُفْضِيَةٍ إلَى النِّزَاعِ لِقِيَامِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ فِي يَدِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ) فَمَا ثَمَّةَ احْتِيَاجٌ إلَى التَّسْلِيمِ حَتَّى يُفْضِيَ إلَى النِّزَاعِ، حَتَّى لَوْ كَانَ بَعْضُ التَّرِكَةِ فِي يَدِ الْمُصَالِحِ وَلَا يَعْلَمُونَ مِقْدَارَهُ لَمْ يَجُزْ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَغْرِقًا أَوْ غَيْرَهُ؛ فَفِي الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ وَلَا الْقِسْمَةُ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَمْ يَتَمَلَّكْ التَّرِكَةَ، وَفِي الثَّانِي لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَالِحُوا مَا لَمْ يَقْضُوا دَيْنَهُ لِتَقَدُّمِ حَاجَةِ الْمَيِّتِ، وَلَوْ فَعَلُوا قَالُوا يَجُوزُ.
وَأَمَّا الْقِسْمَةُ فَقَدْ قَالَ الْكَرْخِيُّ إنَّهَا لَا تَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَتَجُوزُ قِيَاسًا.
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ تَمَلُّكَ الْوُرَّاثِ، إذْ مَا مِنْ جُزْءٍ إلَّا وَهُوَ مَشْغُولٌ بِالدَّيْنِ فَلَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ قَبْلَ قَضَائِهِ، وَوَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ التَّرِكَةَ لَا تَخْلُو عَنْ قَلِيلِ الدَّيْنِ فَتُقْسَمُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْوَرَثَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute