وَمَعْنَى التَّخْصِيصِ أَنْ يَقُولَ لَهُ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ كَذَا أَوْ فِي مَكَانِ كَذَا، وَكَذَا إِذَا قَالَ خُذْ هَذَا الْمَالَ تَعْمَلُ بِهِ فِي الْكُوفَةِ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لَهُ، أَوْ قَالَ فَاعْمَلْ بِهِ فِي الْكُوفَةِ لِأَنَّ الْفَاءَ لِلْوَصْلِ أَوْ قَالَ خُذْهُ بِالنِّصْفِ بِالْكُوفَةِ لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْإِلْصَاقِ، أَمَّا إِذَا قَالَ خُذْ هَذَا الْمَالَ وَاعْمَلْ بِهِ بِالْكُوفَةِ فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْعَطْفِ فَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْمَشُورَةِ،
السُّكُوتِ عَنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ (وَمَعْنَى التَّخْصِيصِ إلَخْ) ذَكَرَ أَلْفَاظًا تَدُلُّ عَلَى التَّخْصِيصِ: وَتَقْرِيرُ كَلَامِهِ: وَمَعْنَى التَّخْصِيصِ يَحْصُلُ بِأَنْ يَقُولَ كَذَا وَكَذَا: أَيْ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ، وَالْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِهِ التَّمْيِيزَ بَيْنَ مَا يَدُلُّ مِنْهَا عَلَى التَّخْصِيصِ وَمَا لَا يَدُلُّ، وَجُمْلَةُ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ: سِتَّةٌ مِنْهَا تُفِيدُ التَّخْصِيصَ وَاثْنَانِ مِنْهَا تُعْتَبَرُ مَشُورَةً، وَالضَّابِطُ لِتَمْيِيزِ مَا يُفِيدُ التَّخْصِيصَ عَمَّا لَا يُفِيدُهُ هُوَ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ إذَا أَعْقَبَ لَفْظَ الْمُضَارَبَةِ كَلَامًا لَا يَصِحُّ الِابْتِدَاءُ بِهِ وَيَصِحُّ مُتَعَلِّقًا بِمَا تَقَدَّمَ جُعِلَ مُتَعَلِّقًا بِهِ لِئَلَّا يَلْغُوَ، وَإِذَا أَعْقَبَهُ مَا يَصِحُّ الِابْتِدَاءُ بِهِ لَمْ يُجْعَلْ مُتَعَلِّقًا بِمَا تَقَدَّمَ لِانْتِفَاءِ الضَّرُورَةِ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ خُذْ هَذَا الْمَالَ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ كَذَا أَوْ فِي مَكَانِ كَذَا، أَوْ قَالَ خُذْهُ تَعْمَلْ بِهِ فِي الْكُوفَةِ مَجْزُومًا وَمَرْفُوعًا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَحْتَمِلُهُمَا، أَوْ قَالَ فَاعْمَلْ بِهِ فِي الْكُوفَةِ أَوْ قَالَ خُذْهُ بِالنِّصْفِ بِالْكُوفَةِ أَوْ قَالَ لِتَعْمَلَ بِهِ بِالْكُوفَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعْمَلُ بِهِ بِالرَّفْعِ يُعْطِي مَعْنَاهُ فَقَدْ أَعْقَبَ لَفْظَ الْمُضَارَبَةِ مَا لَا يَصِحُّ الِابْتِدَاءُ بِهِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَبْتَدِئَ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ كَذَا أَوْ بِقَوْلِهِ تَعْمَلُ بِالْكُوفَةِ أَوْ بِغَيْرِهِمَا وَهُوَ وَاضِحٌ لَكِنَّهُ يَصِحُّ جَعْلُهُ مُتَعَلِّقًا بِمَا تَقَدَّمَ، فَجَعَلَ قَوْلَهُ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ شَرْطًا وَالْمُفِيدُ مِنْهُ مُعْتَبَرٌ، وَهَذَا يُفِيدُ صِيَانَةَ الْمَالِ فِي الْمِصْرِ، وَقَوْلُهُ تَعْمَلُ بِهِ فِي الْكُوفَةِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ خُذْهُ مُضَارَبَةً، وَقَوْلُهُ فَاعْمَلْ بِهِ فِي الْكُوفَةِ فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّ الْفَاءَ فِيهَا لِلْوَصْلِ وَالتَّعْقِيبِ وَالْمُتَّصِلُ الْمُتَعَقِّبُ لِلْمُبْهَمِ تَفْسِيرٌ لَهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ خُذْهُ بِالنِّصْفِ بِالْكُوفَةِ لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْإِلْصَاقِ، وَيَقْتَضِي الْإِلْصَاقَ مُوجِبُ كَلَامِهِ وَهُوَ الْعَمَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute