أَنَّ الدَّفْعَ قَبْلَ الْعَمَلِ إِيدَاعٌ وَبَعْدَهُ إِبْضَاعٌ، وَالْفِعْلَانِ يَمْلِكُهُمَا الْمُضَارِبُ فَلَا يَضْمَنُ بِهِمَا، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا رَبِحَ فَقَدْ أَثْبَتَ لَهُ شَرِكَةً فِي الْمَالِ فَيَضْمَنُ كَمَا لَوْ خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ، وَهَذَا إِذَا كَانَتِ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً، فَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً لَا يَضْمَنُهُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ عَمِلَ الثَّانِي لِأَنَّهُ أَجِيرٌ فِيهِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فَلَا تَثْبُتُ الشَّرِكَةُ بِهِ.
ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ يَضْمَنُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الثَّانِيَ. وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ الثَّانِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي مُودِعِ الْمُودَعِ. وَقِيلَ رَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِيَ بِالْإِجْمَاعِ
إيدَاعٌ، وَبَعْدَهُ إبْضَاعٌ، وَالْفِعْلَانِ يَمْلِكُهُمَا الْمُضَارِبُ فَلَا يَضْمَنُ بِهِمَا لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ بِهِمَا، إلَّا أَنَّهُ إذَا رَبِحَ فَقَدْ أَثْبَتَ لَهُ شَرِكَةً فِي الْمَالِ فَصَارَ مُخَالِفًا لِاشْتِرَاكِ الْغَيْرِ فِي رِبْحِ مَالِ رَبِّ الْمَالِ، وَفِي ذَلِكَ إتْلَافٌ فَيُوجِبُ الضَّمَانَ كَمَا لَوْ خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ، وَهَذَا أَيْ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ عَلَيْهِمَا بِالرِّبْحِ أَوْ الْعَمَلِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا إذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً، وَأَطْلَقَ الْقَوْلَ لِيَتَنَاوَلَ كُلًّا مِنْهُمَا فَإِنَّ الْأُولَى إذَا كَانَتْ فَاسِدَةً أَوْ الثَّانِيَةَ أَوْ كِلْتَيْهِمَا جَمِيعًا لَمْ يَضْمَنْ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الثَّانِيَ أُجْبِرَ فِيهِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فَلَمْ تَثْبُتْ الشَّرِكَةُ الْمُوجِبَةُ لِلضَّمَانِ.
فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَتْ الْأُولَى فَاسِدَةً لَمْ يُتَصَوَّرْ جَوَازُ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْأُولَى فَلَا يَسْتَقِيمُ التَّقْسِيمُ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِجَوَازِ الثَّانِيَةِ حِينَئِذٍ مَا يَكُونُ جَائِزًا بِحَسَبِ الصُّورَةِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَشْرُوطُ لِلثَّانِي مِنْ الرِّبْحِ مِقْدَارَ مَا تَجُوزُ بِهِ الْمُضَارَبَةُ فِي الْجُمْلَةِ بِأَنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ لِلْأَوَّلِ نِصْفُ الرِّبْحِ وَمِائَةٌ مَثَلًا وَلِلثَّانِي نِصْفُهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ فِي كِتَابٍ) يَعْنِي الْقُدُورِيَّ (يَضْمَنُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّانِيَ وَقِيلَ) اخْتِيَارًا مِنْهُ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْ الْمَشَايِخِ (يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ الثَّانِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي مُودَعِ الْمُودَعِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ تَضْمِينِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (بِإِجْمَاعِ) أَصْحَابِنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute