للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ (الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُودَعِ إِذَا هَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا) لِقَوْلِهِ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ وَلَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ» وَلِأَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً إِلَى الِاسْتِيدَاعِ، فَلَوْ ضَمِنَاهُ يَمْتَنِعُ النَّاسُ عَنْ قَبُولِ الْوَدَائِعِ فَتَتَعَطَّلُ مَصَالِحُهُمْ. (وَلِلْمُودَعِ أَنْ يَحْفَظَهَا بِنَفْسِهِ وَبِمَنْ فِي عِيَالِهِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَلْتَزِمُ حِفْظَ مَالِ غَيْرِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَحْفَظُ مَالَ نَفْسِهِ

صَحِيحٍ.

وَحُكْمُهَا: كَوْنُ الْمَالِ أَمَانَةً عِنْدَهُ.

قَالَ (الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُودَعِ) قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَدِيعَةَ فِي الِاصْطِلَاحِ هِيَ التَّسْلِيطُ عَلَى الْحِفْظِ وَذَلِكَ يَكُونُ بِالْعَقْدِ، وَالْأَمَانَةُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِغَيْرِ عَقْدٍ كَمَا إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ فِي ثَوْبٍ فَأَلْقَتْهُ فِي بَيْتِ غَيْرِهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ جَازَ حَمْلُ الْأَعَمِّ عَلَى الْأَخَصِّ، الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُودَعِ (إذَا هَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا لِقَوْلِهِ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ، وَلَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ») وَالْغُلُولُ وَالْإِغْلَالُ: الْخِيَانَةُ إلَّا أَنَّ الْغُلُولَ فِي الْمَغْنَمِ خَاصَّةً وَالْإِغْلَالُ عَامٌّ قِيلَ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَوْلُ شُرَيْحٍ لَيْسَ بِحَدِيثٍ مَرْفُوعٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُسْنَدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ

(وَلِأَنَّ شَرْعِيَّتَهَا لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهَا، فَلَوْ ضَمَّنَّا الْمُودَعَ امْتَنَعَ النَّاسُ عَنْ قَبُولِهَا، وَفِي ذَلِكَ تَعْطِيلٌ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ)

قَالَ (وَلِلْمُودَعِ أَنْ يَحْفَظَهَا بِنَفْسِهِ وَبِمَنْ فِي عِيَالِهِ) قَالُوا الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يُسَاكِنُهُ لَا الَّذِي يَكُونُ فِي نَفَقَةِ الْمُودَعِ فَحَسْبُ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أُودِعَ عِنْدَهَا شَيْءٌ جَازَ لَهَا أَنْ تَدْفَعَ إلَى زَوْجِهَا، وَابْنُ الْمُودَعِ الْكَبِيرُ إذَا كَانَ يُسَاكِنُهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي نَفَقَتِهِ وَتَرَكَهُ الْأَبُ فِي بَيْتٍ فِيهِ الْوَدِيعَةُ لَمْ يَضْمَنْ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعْلَمْ بِمَنْ فِي عِيَالِهِ الْخِيَانَةَ، فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ وَحَفِظَ بِهِمْ ضَمِنَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُنْهَ عَنْ الدَّفْعِ إلَيْهِمْ (لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَلْتَزِمُ حِفْظَ مَالِ غَيْرِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَحْفَظُ مَالَ نَفْسِهِ) وَهُوَ إنَّمَا يَحْفَظُ مَالَهُ بِمَنْ فِي عِيَالِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِمْ الْوَدِيعَةَ، وَعَنْ هَذَا قِيلَ الْعِيَالُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى وَكِيلِهِ وَهُوَ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ أَوْ دَفَعَ إلَى أَمِينٍ مِنْ أُمَنَائِهِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ فِي مَالِهِ وَلَيْسَ فِي عِيَالِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>