للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِذَا كَانَ التِّمْثَالُ مَقْطُوعَ الرَّأْسِ) أَيْ مَمْحُوَّ الرَّأْسِ (فَلَيْسَ بِتِمْثَالٍ) لِأَنَّهُ لَا يُعْبَدُ بِدُونِ الرَّأْسِ وَصَارَ كَمَا إذَا صَلَّى إلَى شَمْعٍ أَوْ سِرَاجٍ عَلَى مَا قَالُوا (وَلَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ عَلَى وِسَادَةٍ مُلْقَاةٍ أَوْ عَلَى بِسَاطٍ مَفْرُوشٍ لَا يُكْرَهُ) لِأَنَّهَا تُدَاسُ وَتُوطَأُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْوِسَادَةُ مَنْصُوبَةً أَوْ كَانَتْ عَلَى السُّتْرَةِ لِأَنَّهُ تَعْظِيمٌ لَهَا، وَأَشَدُّهَا كَرَاهَةً أَنْ تَكُونَ أَمَامَ الْمُصَلِّي ثُمَّ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ ثُمَّ عَلَى يَمِينِهِ ثُمَّ عَلَى شِمَالِهِ ثُمَّ خَلْفَهُ (وَلَوْ لَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ تَصَاوِيرُ يُكْرَهُ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ حَامِلَ الصَّنَمِ، وَالصَّلَاةُ جَائِزَةٌ فِي جَمِيع ذَلِكَ لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِهَا، وَتُعَادُ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مَكْرُوهٍ، وَهَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ (وَلَا يُكْرَهُ تِمْثَالٌ غَيْرُ ذِي الرُّوحِ) لِأَنَّهُ لَا يُعْبَدُ

(وَلَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ)

مَحْفُوفٌ بِصُوَرٍ صِغَارٍ. وَقَوْلُهُ: (وَإِذَا كَانَ التِّمْثَالُ مَقْطُوعَ الرَّأْسِ: أَيْ مَمْحُوَّهُ) إنَّمَا فَسَّرَهُ بِهَذَا إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَوْ قُطِعَ رَأْسُهُ بِخَيْطٍ مِنْ الْحُلْقُومِ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ بَاقِيَةً؛ لِأَنَّ مِنْ الطَّيْرِ مَا هُوَ مُطَوَّقٌ، أَمَّا مَا حَمَى رَأْسَهُ بِحَيْثُ لَا يُرَى لَا يُكْرَهُ لِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يُعْبَدُ بِلَا رَأْسٍ فَكَانَ كَالْجَمَادَاتِ (فَصَارَ كَالصَّلَاةِ إلَى شَمْعٍ أَوْ سِرَاجٍ) فِي أَنَّهُمَا لَا يُعْبَدَانِ وَإِنَّمَا قَالَ (عَلَى مَا قَالُوا) إشَارَةً إلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ يُكْرَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ كَانُونٌ فِيهِ جَمْرٌ أَوْ نَارٌ مُوقَدَةٌ، وَالصَّحِيحُ مَا قَالُوا لِمَا ذَكَرَ أَنَّهُمَا لَا يُعْبَدَانِ.

وَقَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ عَلَى وِسَادَةٍ) ظَاهِرٌ. وَيُحْكَى عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَطَاءٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمَا دَخَلَا بَيْتًا فِيهِ بِسَاطٌ عَلَيْهِ تَصَاوِيرُ فَوَقَفَ عَطَاءٌ وَجَلَسَ الْحَسَنُ وَقَالَ: تَعْظِيمُ الصُّورَةِ فِي تَرْكِ الْجُلُوسِ عَلَيْهَا. وَقَوْلُهُ: (وَأَشَدُّهَا) أَيْ أَشَدُّ الصُّوَرِ (كَرَاهَةً) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ تَخْتَلِفُ آحَادُهَا بِالشِّدَّةِ وَالضَّعْفِ، وَقِيلَ إذَا كَانَتْ خَلْفَ الْمُصَلِّي لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ، وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ كَوْنُهُمَا فِي الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ تَنْزِيهَ مَكَانِ الصَّلَاةِ عَمَّا يَمْنَعُ دُخُولَ الْمَلَائِكَةِ مُسْتَحَبٌّ. وَقَوْلُهُ: (وَتُعَادُ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مَكْرُوهٍ) أَيْ تُعَادُ الصَّلَاةُ لِلِاحْتِيَاطِ عَلَى وَجْهٍ لَيْسَ فِيهِ كَرَاهَةٌ (وَهَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ) كَمَا إذَا تَرَكَ وَاجِبًا مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ: (وَلَا يُكْرَهُ تِمْثَالُ غَيْرِ ذِي الرُّوحِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ نَهَى مُصَوِّرًا عَنْ التَّصْوِيرِ فَقَالَ: كَيْفَ أَصْنَعُ وَهُوَ كَسْبِي؟ قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ فَعَلَيْك بِتِمْثَالِ الْأَشْجَارِ. وَفِي هَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التِّمْثَالَ وَالصُّورَةَ وَاحِدٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ التِّمْثَالُ مَا تُصَوِّرُهُ عَلَى الْجِدَارِ، وَالصُّورَةُ مَا تُصَوَّرُ عَلَى الثَّوْبِ وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ.

وَقَوْلُهُ: (وَلَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ) لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا إذَا أَمْكَنَهُ الْقَتْلُ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَبَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>