قَبْضُ زَوْجِهَا لَهَا بَعْدَ الزِّفَافِ لِتَفْوِيضِ الْأَبِ أُمُورَهَا إلَيْهِ دَلَالَةً، بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الزِّفَافِ وَيَمْلِكُهُ مَعَ حَضْرَةِ الْأَبِ، بِخِلَافِ الْأُمِّ وَكُلِّ مَنْ يَعُولُهَا غَيْرِهَا حَيْثُ لَا يَمْلِكُونَهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ أَوْ غَيْبَتِهِ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ هَؤُلَاءِ لِلضَّرُورَةِ لَا بِتَفْوِيضِ الْأَبِ، وَمَعَ حُضُورِهِ لَا ضَرُورَةَ.
قَالَ: (وَإِذَا وَهَبَ اثْنَانِ مِنْ وَاحِدٍ دَارًا جَازَ)؛ لِأَنَّهُمَا سَلَّمَاهَا جُمْلَةً وَهُوَ قَدْ قَبَضَهَا جُمْلَةً فَلَا شُيُوعَ (وَإِنْ وَهَبَهَا وَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْنِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا يَصِحُّ)؛ لِأَنَّ هَذِهِ هِبَةُ الْجُمْلَةِ مِنْهُمَا، إذْ التَّمْلِيكُ وَاحِدٌ فَلَا يَتَحَقَّقُ الشُّيُوعُ كَمَا إذَا رَهَنَ مِنْ رَجُلَيْنِ. وَلَهُ أَنَّ هَذِهِ هِبَةُ النِّصْفِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلِهَذَا لَوْ كَانَتْ فِيمَا لَا يُقَسَّمُ فَقِبَلَ أَحَدُهُمَا
عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ وَإِنْ حَضَرَ الْأَبُ فِي الصَّحِيحِ، وَهُوَ احْتِرَازٌ عَمَّا ذُكِرَ فِي الْإِيضَاحِ أَنَّ قَبْضَ الزَّوْجِ لَهَا إنَّمَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ حَيًّا، بِخِلَافِ الْأُمِّ وَكُلِّ مَنْ يَعُولُهَا غَيْرُهَا فَإِنَّهُمْ لَا يُمَلِّكُونَهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ أَوْ بَعْدَ غَيْبَتِهِ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً لِأَنَّ تَصَرُّفَ هَؤُلَاءِ لِلضَّرُورَةِ لَا بِتَفْوِيضِ الْأَبِ وَلَا ضَرُورَةَ مَعَ الْحُضُورِ. وَقَوْلُهُ فِي الصَّحِيحِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يَمْلِكُهُ مَعَ حَضْرَةِ الْأَبِ كَمَا ذَكَرْنَا. قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: وَإِنَّمَا قُلْت هَذَا لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْأُمِّ وَكُلِّ مَنْ يَعُولُهَا غَيْرُهَا حَيْثُ لَا يَمْلِكُونَهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ أَوْ غَيْبَتِهِ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً لَيْسَتْ رِوَايَةً أُخْرَى حَتَّى يَقَعَ قَوْلُهُ فِي الصَّحِيحِ احْتِرَازًا عَنْهَا، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا مُعْتَبَرَ بِقَبْضِ الزَّوْجِ لَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ بِحُكْمِ أَنَّهُ يَعُولُهَا وَأَنَّ لَهُ عَلَيْهَا يَدًا مُسْتَحَقَّةً وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ قَبْلَ الزِّفَافِ.
قَالَ (وَإِذَا وَهَبَ اثْنَانِ مِنْ وَاحِدٍ دَارًا جَازَ إلَخْ) وَإِذَا وَهَبَ اثْنَانِ دَارًا مِنْ وَاحِدٍ جَازَ لِانْتِفَاءِ الشُّيُوعِ، لِأَنَّ الشُّيُوعَ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالتَّسْلِيمِ أَوْ الْقَبْضِ وَهُمَا سَلَّمَاهَا جُمْلَةً وَهُوَ قَوْلُهُ قَدْ قَبَضَهَا جُمْلَةً فَلَا شُيُوعَ، وَإِنْ كَانَتْ بِالْعَكْسِ لَا تَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: تَجُوزُ لِأَنَّ هَذِهِ هِبَةُ الْجُمْلَةِ بَيْنَهُمَا لِاتِّحَادِ التَّمْلِيكِ وَلَا شُيُوعَ فِي هِبَةِ الْجُمْلَةِ كَمَا إذَا رَهَنَ مِنْ رَجُلَيْنِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ تَأْثِيرَ الشُّيُوعِ فِي الرَّهْنِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الْهِبَةِ حَتَّى لَا يَجُوزَ الرَّهْنُ فِي مُشَاعٍ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ دُونَ الْهِبَةِ، ثُمَّ إنَّهُ لَوْ رَهَنَ مِنْ رَجُلَيْنِ جَازَ فَالْهِبَةُ أَوْلَى. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ هَذِهِ هِبَةُ النِّصْفِ مِنْ كُلِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute