للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُمْكِنُ تَنْفِيذُ الْهِبَةِ فِيهِ لِمَكَانِ التَّدْبِيرِ فَبَقِيَ هِبَةُ الْمُشَاعِ أَوْ هِبَةُ شَيْءٍ هُوَ مَشْغُولٌ بِمِلْكِ الْمَالِكِ. قَالَ: (فَإِنْ وَهَبَهَا لَهُ عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَنْ يَعْتِقَهَا أَوْ أَنْ يَتَّخِذَهَا أُمَّ وَلَدٍ أَوْ وَهَبَ دَارًا أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِدَارٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْهَا أَوْ يُعَوِّضَهُ شَيْئًا مِنْهَا فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ).

لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ تُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَكَانَتْ فَاسِدَةً، وَالْهِبَةُ لَا تَبْطُلُ بِهَا، أَلَا تَرَى «أَنَّ النَّبِيَّ أَجَازَ الْعُمْرَى وَأَبْطَلَ شَرْطَ الْمُعَمِّرِ» بِخِلَافِ

كَانَ بِإِبْطَالِهِ وَجُعِلَ الْحَمْلُ مَوْهُوبًا (وَهَاهُنَا التَّدْبِيرُ يَمْنَعُ عَنْ ذَلِكَ فَبَقِيَ هِبَةُ الْمُشَاعِ) وَهِيَ لَا تَجُوزُ. فَإِنْ قِيلَ: هَبْ أَنَّهَا هِبَةُ مُشَاعٍ لَكِنَّهَا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَهِيَ جَائِزَةٌ. أُجِيبَ بِأَنَّ عَرْضِيَّةَ الِانْفِصَالِ فِي ثَانِي الْحَالِ ثَابِتَةٌ لَا مَحَالَةَ فَأُنْزِلَ مُنْفَصِلًا فِي الْحَالِ مَعَ أَنَّ الْجَنِينَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ فَكَانَ فِي حُكْمِ مُشَاعٍ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا اسْتَشْعَرَ هَذَا السُّؤَالَ أَرْدَفَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ هِبَةُ شَيْءٍ هُوَ مَشْغُولٌ بِمِلْكِ الْوَاهِبِ) فَهُوَ كَمَا إذَا وَهَبَ الْجَوَالِقَ وَفِيهِ طَعَامُ الْوَاهِبِ، وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ كَهِبَةِ الْمُشَاعِ الْحَقِيقِيِّ. فَإِنْ قِيلَ: هَلْ يَصِحُّ أَنْ تُجْعَلَ مَسْأَلَةُ التَّدْبِيرِ مُشَابِهَةً بِالِاسْتِثْنَاءِ وَمَسْأَلَةُ الْإِعْتَاقِ غَيْرُ مُشَابِهَةٍ؟ قُلْت: نَعَمْ إذَا أُرِيدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ التَّكَلُّمُ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا، فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ يُورِثُ الشُّيُوعَ، وَمَسْأَلَةُ التَّدْبِيرِ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ فَكَانَتَا مُتَشَابِهَتَيْنِ، وَالْإِعْتَاقُ لَا يُورِثُ ذَلِكَ فَلَمْ يُشَابِهْهُ، وَالْمُصَنِّفُ أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ اسْتِثْنَاءَ الْحَمْلِ، وَمَسْأَلَةُ الْإِعْتَاقِ تُشَابِهُهُ فِي جَوَازِ الْهِبَةِ وَالتَّدْبِيرُ لَمْ يُشَابِهْهُ كَمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ وَهَبَهَا لَهُ عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهَا أَوْ أَنْ يَتَّخِذَهَا أُمَّ وَلَدٍ أَوْ وَهَبَ دَارًا أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِدَارٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْهَا أَوْ يُعَوِّضَهُ شَيْئًا مِنْهَا فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ) وَلَا يُتَوَهَّمُ التَّكْرَارُ فِي قَوْلِهِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْهَا أَوْ يُعَوِّضَهُ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>