للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَانَ مُخَالِفًا كَمَا إذَا حَمَلَ الْحَدِيدَ وَقَدْ شَرَطَ لَهُ الْحِنْطَةَ.

قَالَ: (وَإِنْ اسْتَأْجَرَ حَمَّالًا لِيَحْمِلَ لَهُ طَعَامًا فِي طَرِيقِ كَذَا فَأَخَذَ فِي طَرِيقٍ غَيْرِهِ يَسْلُكُهُ النَّاسُ فَهَلَكَ الْمَتَاعُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ الْأَجْرُ) وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ تَفَاوُتٌ؛ لِأَنَّ عِنْدَ ذَلِكَ التَّقْيِيدَ غَيْرُ مُفِيدٍ، أَمَّا إذَا كَانَ تَفَاوُتٌ يَضْمَنُ لِصِحَّةِ التَّقْيِيدِ فَإِنَّ التَّقْيِيدَ مُفِيدٌ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ التَّفَاوُتِ إذَا كَانَ طَرِيقًا يَسْلُكُهُ النَّاسُ فَلَمْ يُفَصِّلْ (وَإِنْ كَانَ طَرِيقًا لَا يَسْلُكُهُ النَّاسُ فَهَلَكَ ضَمِنَ)؛ لِأَنَّهُ صَحَّ التَّقْيِيدُ فَصَارَ مُخَالِفًا (وَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ الْأَجْرُ)؛ لِأَنَّهُ ارْتَفَعَ الْخِلَافُ مَعْنًى، وَإِنْ بَقِيَ صُورَةً. قَالَ: (وَإِنْ حَمَلَهُ فِي الْبَحْرِ فِيمَا يَحْمِلُهُ النَّاسُ فِي الْبَرِّ ضَمِنَ) لِفُحْشِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ (وَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ الْأَجْرُ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَارْتِفَاعِ الْخِلَافِ مَعْنًى.

قَالَ: (وَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا؛ لِيَزْرَعَهَا حِنْطَةً فَزَرَعَهَا رُطَبَةً ضَمِنَ مَا نَقَصَهَا)

حِنْطَةً وَحَمَلَ بِوَزْنِهَا شَعِيرًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِأَنَّ الشَّعِيرَ يَنْبَسِطُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرَ مِنْ الْحِنْطَةِ (فَكَانَ مُخَالِفًا) وَقَوْلُهُ (كَمَا إذَا حَمَلَ الْحَدِيدَ وَقَدْ شَرَطَ لَهُ الْحِنْطَةَ) فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ عَكْسُ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الْمِثَالِ، إلَّا إذَا جَعَلَ ذَلِكَ مِثَالًا لِلْمُخَالَفَةِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الِانْبِسَاطِ وَعَدَمِهِ

(وَمَنْ اسْتَأْجَرَ حَمَّالًا لِيَحْمِلَ لَهُ طَعَامًا فِي طَرِيقِ كَذَا فَسَلَكَ غَيْرَهُ) فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَا سَلَكَهُ مِمَّا يَسْلُكُهُ النَّاسُ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ تَفَاوُتٌ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَوْعَرَ أَوْ أَخْوَفَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ إذْ ذَاكَ غَيْرُ مُفِيدٍ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ ضَمِنَ لِصِحَّةِ التَّقْيِيدِ لِكَوْنِهِ مُفِيدًا. فَإِنْ قِيلَ: مُحَمَّدٌ أَطْلَقَ الرِّوَايَةَ لِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا إذَا أَخَذَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي يَسْلُكُهُ النَّاسُ وَلَمْ يُقَيَّدْ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ.

أَجَابَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ التَّفَاوُتِ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ يَسْلُكُهُ النَّاسُ فَلَمْ يَفْصِلْ) وَإِنْ كَانَ الثَّانِي: أَعْنِي مَا لَا يَسْلُكُهُ النَّاسُ فَهَلَكَ ضَمِنَ لِصِحَّةِ التَّقْيِيدِ فَصَارَ مُخَالِفًا، وَإِذَا بَلَغَ فَلَهُ الْأَجْرُ لِأَنَّهُ ارْتَفَعَ الْخِلَافُ مَعْنًى وَإِنْ بَقِيَ صُورَةً (وَإِنْ حَمَلَهُ فِي الْبَحْرِ فِيمَا يَحْمِلُهُ النَّاسُ فِي الْبَرِّ ضَمِنَ لِفُحْشِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) حَتَّى أَنَّ لِلْمُودَعِ أَنْ يُسَافِرَ الْوَدِيعَةِ فِي طَرِيقِ الْبَرِّ دُونَ الْبَحْرِ (فَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ الْأَجْرُ) لِأَنَّهُ ارْتَفَعَ الْخِلَافُ بِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَارْتِفَاعُ الْخِلَافِ مَعْنًى وَإِنْ بَقِيَ صُورَةً.

قَالَ (وَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا حِنْطَةً إلَخْ) وَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِزِرَاعَةِ شَيْءٍ فَزَرَعَ مِثْلَهُ فِي الضَّرَرِ بِالْأَرْضِ وَمَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ يُوجِبُ الْأَجْرَ لِأَنَّهُ مُوَافَقَةٌ أَوْ مُخَالَفَةٌ إلَى خَيْرٍ وَزَرَعَ مَا هُوَ أَضَرُّ بِهَا كَالرِّطَابِ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِزِرَاعَةِ الْحِنْطَةِ فَخَالَفَهُ إلَى شَيْءٍ يَصِيرُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ غَاصِبًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا نَقَصَ، وَيَسْقُطُ الْأَجْرُ لِأَنَّ الْأَجْرَ وَالضَّمَانَ لَا يَجْتَمِعَانِ إذْ الْأَجْرُ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ التَّعَدِّي وَالضَّمَانُ يَسْتَلْزِمُهُ وَتَنَافِي اللَّوَازِمِ يَدُلُّ عَلَى تَنَافِي

<<  <  ج: ص:  >  >>