للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا أَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تَتَقَوَّمُ بِنَفْسِهَا بَلْ بِالْعَقْدِ لِحَاجَةِ النَّاسِ فَيُكْتَفَى بِالضَّرُورَةِ فِي الصَّحِيحِ مِنْهَا، إلَّا أَنَّ الْفَاسِدَ تَبَعٌ لَهُ، وَيُعْتَبَرُ مَا يُجْعَلُ بَدَلًا فِي الصَّحِيحِ عَادَةً، لَكِنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى مِقْدَارٍ فِي الْفَاسِدِ فَقَدْ أَسْقَطَا الزِّيَادَةَ، وَإِذَا نَقَصَ أَجْرُ الْمِثْلِ لَمْ يَجِبْ زِيَادَةُ الْمُسَمَّى لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ مُتَقَوِّمَةٌ فِي نَفْسِهَا وَهِيَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ، فَإِنْ

بِالشُّرُوطِ الَّتِي فَسَادُ الْبَيْعِ بِهَا لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَتِهِ فِي كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقْبَلُ الْإِقَالَةَ وَالْفَسْخَ، وَالْوَاجِبُ فِي الْإِجَارَةِ الَّتِي فَسَدَتْ بِالشُّرُوطِ الْأَقَلُّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَالْمُسَمَّى، وَإِنَّمَا جَعَلْت اللَّامَ فِي قَوْلِهِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ لِلْعَهْدِ كَمَا رَأَيْت لِسِيَاقِ الْكَلَامِ وَدَفْعًا لِمَا قِيلَ الْأَقَلُّ مِنْ الْأَجْرِ وَالْمُسَمَّى إنَّمَا يَجِبُ إذَا فَسَدَتْ بِشَرْطٍ، أَمَّا إذَا فَسَدَتْ لِجَهَالَةِ الْمُسَمَّى أَوْ لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ نَقَلَهُ فِي النِّهَايَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَالْمُغْنِي وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: يَجِبُ بَالِغًا مَا بَلَغَ اعْتِبَارًا بِبَيْعِ الْأَعْيَانِ، فَإِنَّ الْبَيْعَ إذَا فَسَدَ وَجَبَ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ عِنْدَهُ كَالْأَعْيَانِ. وَلَنَا أَنَّ تَقَوُّمَ الْمَنَافِعِ ضَرُورَةُ دَفْعِ الْحَاجَةِ بِالْعَقْدِ، وَالضَّرُورِيُّ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ، وَالضَّرُورَةُ تَنْدَفِعُ بِالصَّحِيحَةِ فَيُكْتَفَى بِهَا. وَهَذَا كَمَا تَرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>