لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ وَلِأَنَّ التَّعَامُلَ بِهِ كَانَ جَارِيًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَقَبْلَهُ وَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ. ثُمَّ قِيلَ: إنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ عَلَى الْمَنَافِعِ وَهِيَ خِدْمَتُهَا لِلصَّبِيِّ وَالْقِيَامُ بِهِ وَاللَّبَنُ يُسْتَحَقُّ عَلَى طَرِيقِ التَّبَعِ بِمَنْزِلَةِ الصَّبْغِ فِي الثَّوْبِ. وَقِيلَ إنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ عَلَى اللَّبَنِ، وَالْخِدْمَةُ تَابِعَةٌ، وَلِهَذَا لَوْ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ شَاةٍ لَا تَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ.
وَلِأَنَّ التَّعَامُلَ بِهِ كَانَ جَارِيًا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَقَبْلَهُ، وَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَقِيلَ هُوَ الْمَنَافِعُ وَهِيَ خِدْمَتُهَا لِلصَّبِيِّ وَالْقِيَامُ بِهِ، وَاللَّبَنُ تَبَعٌ كَالصَّبْغِ فِي الثَّوْبِ وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُصَنِّفِ. وَقِيلَ هُوَ اللَّبَنُ وَالْخِدْمَةُ تَابِعَةٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعَقْدَ يَرِدُ عَلَى اللَّبَنِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ تَبَعٌ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ مَنْفَعَةُ الثَّدْيِ وَمَنْفَعَةُ كُلِّ عُضْوٍ عَلَى حَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ، وَاسْتَوْضَحَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْجِهَةَ بِقَوْلِهِ: وَلِهَذَا لَوْ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ شَاةٍ لَا تَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ، وَبَيَّنَ مَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَهُ بِقَوْلِهِ: وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى الْفِقْهِ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَا يَنْعَقِدُ عَلَى إتْلَافِ الْأَعْيَانِ مَقْصُودًا، كَمَنْ اسْتَأْجَرَ بَقَرَةً لِيَشْرَبَ لَبَنَهَا وَوَعَدَ بِبَيَانِ الْعُذْرِ عَنْ الْإِرْضَاعِ بِلَبَنِ شَاةٍ. وَتَعَجَّبَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ مِنْ اخْتِيَارِ الْمُصَنِّفِ مَا أَعْرَضَ عَنْهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ الدَّلِيلَ الْوَاضِحَ، وَهُوَ تَقْلِيدٌ صِرْفٌ لِأَنَّ الدَّلِيلَ لَيْسَ بِوَاضِحٍ، لِأَنَّ مَدَارَهُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، بَلْ الْمَقْصُودُ هُوَ الْإِرْضَاعُ وَانْتِظَامُ أَمْرِ مَعَاشِ الصَّبِيِّ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ يَتَعَلَّقُ بِأُمُورٍ وَوَسَائِطَ مِنْهَا اللَّبَنُ، فَجَعَلَ الْعَيْنَ الْمَرْئِيَّةَ مَنْفَعَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute