وَلَا يُشْتَرَطُ تَأْجِيلُهُ؛ لِأَنَّ أَوْصَافَهَا أَثْمَانٌ. (وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْبُيُوعِ (وَفِي الْكِسْوَةِ يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْأَجَلِ أَيْضًا مَعَ بَيَانِ الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ)؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ إذَا صَارَ مَبِيعًا، وَإِنَّمَا يَصِيرُ مَبِيعًا عِنْدَ الْأَجَلِ كَمَا فِي السَّلَمِ.
قَالَ (وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَهَا مِنْ وَطْئِهَا)؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَقُّ الزَّوْجِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إبْطَالِ حَقِّهِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ صِيَانَةً لِحَقِّهِ، إلَّا أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَمْنَعُهُ عَنْ غِشْيَانِهَا فِي مَنْزِلِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ حَقُّهُ (فَإِنْ حَبِلَتْ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا الْإِجَارَةَ إذَا خَافُوا عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ لَبَنِهَا)؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْحَامِلِ يُفْسِدُ الصَّبِيَّ وَلِهَذَا كَانَ لَهُمْ الْفَسْخُ إذَا مَرِضَتْ أَيْضًا (وَعَلَيْهَا أَنْ تُصْلِحَ طَعَامَ الصَّبِيِّ)؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهَا. وَالْحَاصِلُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيمَا لَا نَصَّ عَلَيْهِ الْعُرْفُ فِي مِثْلِ هَذَا الْبَابِ، فَمَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ مِنْ غَسْلِ ثِيَابِ الصَّبِيِّ وَإِصْلَاحِ الطَّعَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى الظِّئْرِ أَمَّا الطَّعَامُ فَعَلَى وَالِدِ الْوَلَدِ، وَمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ أَنَّ الدُّهْنَ وَالرَّيْحَانَ عَلَى الظِّئْرِ فَذَلِكَ مِنْ عَادَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ.
(وَإِنْ أَرْضَعَتْهُ فِي الْمُدَّةِ بِلَبَنِ شَاةٍ فَلَا أَجْرَ لَهَا)؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَأْتِ بِعَمَلٍ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهَا، وَهُوَ الْإِرْضَاعُ، فَإِنَّ هَذَا إيجَارٌ وَلَيْسَ بِإِرْضَاعٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْأَجْرُ لِهَذَا الْمَعْنَى أَنَّهُ اخْتَلَفَ الْعَمَلُ.
وَلَا يُشْتَرَطُ تَأْجِيلُهُ) أَيْ تَأْجِيلُ الطَّعَامِ الْمُسَمَّى أُجْرَةً (لِأَنَّ أَوْصَافَهَا) أَيْ أَوْصَافَ الطَّعَامِ بِتَأْوِيلِ الْحِنْطَةِ (أَثْمَانٌ) أَيْ أَوْصَافُ أَثْمَانٍ مِنْ وُجُوبِهِ فِي الذِّمَّةِ إذَا كَانَ دَيْنًا، وَالْأَثْمَانُ لَا يُشْتَرَطُ تَأْجِيلُهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُسْلَمًا فِيهِ لِأَنَّهُ فِي السَّلَمِ مَبِيعٌ وَإِنْ كَانَ دَيْنًا فَاشْتُرِطَ تَأْجِيلُهُ بِالسَّنَةِ (وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ) إذَا كَانَ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ (عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، وَقَدْ مَرَّ فِي الْبُيُوعِ) وَالْبَاقِي ظَاهِرٌ
قَالَ (وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَهَا مِنْ وَطْئِهَا إلَخْ) وَطْءُ الْمَرْأَةِ حَقُّ الزَّوْجِ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ إبْطَالِهِ وَلِهَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ: أَيْ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ صِيَانَةً لِحَقِّهِ، وَلَفْظُ الْكِتَابِ مُطْلَقٌ يَتَنَاوَلُ مَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مِمَّنْ يَشِينُهُ ظُئُورَةُ زَوْجَتِهِ أَوْ لَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ تُرْضِعُهُ فِي بَيْتِ أَبَوَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ مَنْزِلِهِ وَإِنْ كَانَتْ تُرْضِعُهُ فِي بَيْتِهِ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ إدْخَالِ صَبِيِّ الْغَيْرِ فِي مَنْزِلِهِ كَمَا أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْنَعَ الزَّوْجَ مِنْ غَشَيَانِهَا فِي مَنْزِلِهِ بَعْدَ الرِّضَا بِالْعَقْدِ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ حَقُّهُ، فَإِنْ حَبِلَتْ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا الْإِجَارَةَ إذَا خَافُوا عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ لَبَنِهَا، لِأَنَّ لَبَنَ الْحَامِلِ يُفْسِدُ الصَّبِيَّ فَكَانَ الْخَوْفُ عُذْرًا تُفْسَخُ بِهِ الْإِجَارَةُ كَمَا لَوْ مَرِضَتْ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا أَنْ تُصْلِحَ طَعَامَ الصَّبِيِّ لِأَنَّ الْعَمَلَ) يَعْنِي الْعَمَلَ الرَّاجِعَ إلَى مَنْفَعَةِ الصَّبِيِّ (عَلَى الظِّئْرِ) وَالْبَاقِي ظَاهِرٌ.
وَقَوْلُهُ (وَإِنْ أَرْضَعَتْهُ فِي الْمُدَّةِ بِلَبَنِ شَاةٍ فَلَا أَجْرَ لَهَا، لِأَنَّهَا لَمْ تَأْتِ بِعَمَلٍ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهَا وَهُوَ الْإِرْضَاعُ، فَإِنَّ هَذَا إيجَارٌ وَلَيْسَ بِإِرْضَاعٍ) دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ (فَإِنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْأَجْرُ لِاخْتِلَافِ الْعَمَلِ) لَا لِانْتِفَاءِ اللَّبَنِ، وَلِهَذَا لَوْ أُوجِرَ الصَّبِيُّ بِلَبَنِ الظِّئْرِ فِي الْمُدَّةِ لَمْ تُسْتَحَقَّ الْأُجْرَةُ، فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُوَ الْإِرْضَاعُ وَالْعَمَلُ دُونَ الْعَيْنِ وَهُوَ اللَّبَنُ.
وَقَوْلُهُ (أَنَّهُ اخْتَلَفَ الْعَمَلُ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ لِهَذَا الْمَعْنَى. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَهُوَ أَنَّهُ وَفِي بَعْضِهَا " لِأَنَّهُ " فَإِنْ قِيلَ: الظِّئْرُ أَجِيرٌ خَاصٌّ أَوْ مُشْتَرَكٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute