للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ خَاطَهُ الْيَوْمَ فَلَهُ دِرْهَمٌ، وَإِنْ خَاطَهُ غَدًا فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُجَاوَزُ بِهِ نِصْفُ دِرْهَمٍ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: لَا يُنْقَصُ مِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ وَلَا يُزَادُ عَلَى دِرْهَمٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: الشَّرْطَانِ جَائِزَانِ) قَالَ: زُفَرُ: الشَّرْطَانِ فَاسِدَانِ؛ لِأَنَّ الْخِيَاطَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَقَدْ ذُكِرَ بِمُقَابَلَتِهِ بَدَلَانِ عَلَى الْبَدَلِ فَيَكُونُ مَجْهُولًا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْيَوْمِ لِلتَّعْجِيلِ، وَذِكْرَ الْغَدِ لِلتَّرْفِيهِ فَيَجْتَمِعُ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَسْمِيَتَانِ.

مَعْلُومًا، وَفِي الْبَيْعِ يَجِبُ الثَّمَنُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَتَتَحَقَّقُ الْجَهَالَةُ وَلَا تَرْتَفِعُ الْمُنَازَعَةُ إلَّا بِإِثْبَاتِ الْخِيَارِ. وَإِذَا قَالَ: إنْ خِطَّته الْيَوْمَ فَبِدِرْهَمٍ وَإِنْ خِطَّته غَدًا فَبِنِصْفِ دِرْهَمٍ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ جَائِزٌ وَالثَّانِي فَاسِدٌ، فَإِنْ خَاطَهُ الْيَوْمَ فَلَهُ دِرْهَمٌ وَإِنْ خَاطَهُ غَدًا فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: الشَّرْطَانِ جَائِزَانِ، فَفِي أَيِّهِمَا خَاطَ اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى فِيهِ. وَقَالَ زُفَرُ: الشَّرْطَانِ فَاسِدَانِ لِأَنَّ الْعَمَلَ الْوَاحِدَ قُوبِلَ بِبَدَلَيْنِ عَلَى الْبَدَلِ وَذَلِكَ يُفْضِي إلَى الْجَهَالَةِ الْمُفْضِيَةِ إلَى النِّزَاعِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ ذِكْرَ الْيَوْمِ لِلتَّعْجِيلِ لَا لِلتَّوْقِيتِ لِأَنَّهُ حَالَ إفْرَادِ الْعَقْدِ فِي الْيَوْمِ بِقَوْلِهِ خِطْهُ الْيَوْمَ بِدِرْهَمٍ كَانَ لِلتَّعْجِيلِ لَا لِلتَّوْقِيتِ حَتَّى لَوْ خَاطَهُ فِي الْغَدِ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ فَكَذَا هَاهُنَا. وَذِكْرُ الْغَدِ لِلتَّرْفِيهِ لِأَنَّ حَالَ إفْرَادِ الْعَقْدِ فِي الْغَدِ بِقَوْلِهِ خِطْهُ غَدًا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ كَانَ لِلتَّرْفِيهِ فَكَذَا هَاهُنَا إذْ لَيْسَ لِتَعْدَادِ الشَّرْطِ أَثَرٌ فِي تَغْيِيرِهِ فَيَجْتَمِعُ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَسْمِيَتَانِ، أَمَّا فِي الْيَوْمِ فَلِأَنَّ ذِكْرَ الْغَدِ إذَا كَانَ لِلتَّرْفِيهِ كَانَ الْعَقْدُ الْمُضَافُ إلَى غَدٍ ثَابِتًا الْيَوْمَ مَعَ عَقْدِ الْيَوْمِ، وَأَمَّا فِي الْغَدِ فَلِأَنَّ الْعَقْدَ الْمُنْعَقِدَ فِي الْيَوْمِ بَاقٍ، لِأَنَّ ذِكْرَ الْيَوْمِ لِلتَّعْجِيلِ فَيَجْتَمِعُ مَعَ الْمُضَافِ إلَى غَدٍ، وَإِذَا اجْتَمَعَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَسْمِيَتَانِ لَزِمَ مُقَابَلَةُ الْعَمَلِ الْوَاحِدِ بِبَدَلَيْنِ عَلَى الْبَدَلِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ خِطْهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ وَهُوَ بَاطِلٌ لِكَوْنِ الْأَجْرِ مَجْهُولًا.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الْجَهَالَةَ تَزُولُ بِوُقُوعِ الْعَمَلِ فَإِنَّ بِهِ يَتَعَيَّنُ الْأَجْرُ لِلُزُومِهِ عِنْدَ الْعَمَلِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَلَهُمَا أَنَّ ذِكْرَ الْيَوْمِ لِلتَّوْقِيتِ لِأَنَّهُ حَقِيقَتُهُ فَكَانَ قَوْلُهُ إنْ خِطْته الْيَوْمَ فَبِدِرْهَمٍ مُقْتَصِرًا عَلَى الْيَوْمِ، فَبِانْقِضَاءِ الْيَوْمِ لَا يَبْقَى الْعَقْدُ إلَى الْغَدِ بَلْ يَنْقَضِي بِانْقِضَاءِ الْوَقْتِ، وَذِكْرُ الْغَدِ لِلتَّعْلِيقِ: أَيْ لِلْإِضَافَةِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ لَكِنْ تَقْبَلُ الْإِضَافَةَ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَتَكُونُ مُرَادَةً لِكَوْنِهَا حَقِيقَةً، وَإِذَا كَانَ لِلْإِضَافَةِ لَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ ثَابِتًا فِي الْحَالِ فَلَا يَجْتَمِعُ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَسْمِيَتَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>