يَجْتَمِعُ فِي الْغَدِ تَسْمِيَتَانِ دُونَ الْيَوْمِ، فَيَصِحُّ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ وَيَجِبُ الْمُسَمَّى، وَيَفْسُدُ الثَّانِي وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلُ لَا يُجَاوَزُ بِهِ نِصْفُ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسَمَّى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا يُزَادُ عَلَى دِرْهَمٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ الْأُولَى لَا تَنْعَدِمُ
الْحَقِيقَةِ الَّتِي هِيَ التَّأْقِيتُ إلَى الْمَجَازِ الَّذِي هُوَ التَّعْجِيلُ (وَحِينَئِذٍ تَجْتَمِعُ فِي الْغَدِ تَسْمِيَتَانِ دُونَ الْيَوْمِ فَيَصِحُّ الْأَوَّلُ وَيَجِبُ الْمُسَمَّى وَيَفْسُدُ الثَّانِي وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ) وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: فِي جَعْلِ الْيَوْمِ لِتَعْجِيلٍ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ الْأُولَى وَفَسَادَ الثَّانِيَةِ، وَفِي جَعْلِهِ لِلتَّوْقِيتِ فَسَادَ الْأُولَى وَصِحَّةَ الثَّانِيَةِ، وَلَا رُجْحَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَكَانَ تَحَكُّمًا.
وَالْجَوَابُ أَنَّ فَسَادَ الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ يَلْزَمُ فِي ضِمْنِ صِحَّةِ الْأُولَى وَالضِّمْنِيَّاتُ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ. وَاسْتَشْكَلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِمَسْأَلَةِ الْمَخَاتِيمِ، فَإِنَّهُ جَعَلَ فِيهَا ذِكْرَ الْيَوْمِ لِلتَّأْقِيتِ وَأَفْسَدَ الْعَقْدَ، وَهَاهُنَا لِلتَّعْجِيلِ وَصَحَّحَهُ.
وَأُجِيبَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ ذِكْرَ الْيَوْمِ لِلتَّأْقِيتِ حَقِيقَةٌ لَا يُتْرَكُ إذَا لَمْ يَمْنَعْ عَنْ ذَلِكَ مَانِعٌ كَمَا نَحْنُ فِيهِ، فَإِنَّ الْحَمْلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ فَمَنَعْنَا ذَلِكَ عَنْ الْحَمْلِ عَلَيْهِ، وَقَامَ الدَّلِيلُ عَلَى الْمَجَازِ وَهُوَ نُقْصَانُ الْأَجْرِ لِلتَّأْخِيرِ، بِخِلَافِ حَالَةِ الِانْفِرَادِ فَإِنَّهُ لَا دَلِيلَ ثَمَّةَ عَلَى الْمَجَازِ فَكَانَ التَّأْقِيتُ مُرَادًا وَفَسَدَ الْعَقْدُ. وَرُدَّ بِأَنَّ دَلِيلَ الْمَجَازِ قَائِمٌ ثَمَّةَ وَهُوَ تَصْحِيحُ الْعَقْدِ عَلَى تَقْدِيرِ التَّعْجِيلِ فَيَكُونُ مُرَادًا نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ الْحَالِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْجَوَازَ بِظَاهِرِ الْحَالِ فِي حَيِّزِ النِّزَاعِ فَلَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ زَائِدٍ عَلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ بِمَوْجُودٍ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ نُقْصَانَ الْأَجْرِ دَلِيلٌ زَائِدٌ عَلَى الْجَوَازِ بِظَاهِرِ الْحَالِ. وَمِمَّا ذَكَرْنَا عُلِمَ أَنَّ قِيَاسَ زُفَرَ حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ بِحَالَةِ الِانْفِرَادِ فَاسِدٌ لِوُجُودِ الْفَارِقِ، وَإِذَا وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ فَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا خَاطَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي. رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ لَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَجْرَ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ نِصْفَ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسَمَّى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي. قَالَ الْقُدُورِيُّ ﵀: هِيَ الصَّحِيحَةُ (وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا يُزَادُ عَلَى دِرْهَمٍ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ، لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ الْأُولَى لَا تَنْعَدِمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute