وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرُ نَدْبٍ هُوَ الصَّحِيحُ. وَفِي الْحَمْلِ عَلَى الْإِبَاحَةِ إلْغَاءُ الشَّرْطِ إذْ هُوَ مُبَاحٌ بِدُونِهِ، أَمَّا النَّدْبِيَّةُ مُعَلَّقَةٌ بِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْخَيْرِ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا قِيلَ أَنْ لَا يَضُرَّ بِالْمُسْلِمِينَ بَعْدَ الْعِتْقِ، فَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِهِمْ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُكَاتِبَهُ وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ لَوْ فَعَلَهُ.
وَأَمَّا اشْتِرَاطُ قَبُولِ الْعَبْدِ فَلِأَنَّهُ مَالٌ يَلْزَمُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْتِزَامِهِ وَلَا يُعْتَقُ إلَّا بِأَدَاءِ كُلِّ الْبَدَلِ لِقَوْلِهِ ﵊ «أَيُّمَا عَبْدٍ كُوتِبَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَأَدَّاهَا إلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَهُوَ عَبْدٌ» وَقَالَ ﵊ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» وَفِيهِ اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ ﵃، وَمَا اخْتَرْنَاهُ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ﵁،
يُعْتَقُ إلَّا بِأَدَاءِ كُلِّ الْبَدَلِ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لِقَوْلِهِ ﷺ «أَيُّمَا عَبْدٍ كُوتِبَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَأَدَّاهَا إلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَهُوَ عَبْدٌ» وَقَالَ ﵊ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» وَفِيهِ: أَيْ فِي وَقْتِ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ ﵃، فَعِنْدَ عَلِيٍّ ﵁ يُعْتَقُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى، وَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ يُعْتَقُ كَمَا أَخَذَ الصَّحِيفَةَ مِنْ مَوْلَاهُ: يَعْنِي بِنَفْسِ الْعَقْدِ، لِأَنَّ الصَّحِيفَةَ عِنْدَ ذَلِكَ تُكْتَبُ، وَعِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ يُعْتَقُ إذَا أَدَّى قِيمَةَ نَفْسِهِ، وَعِنْدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ﵁ بِمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَيُعْتَقُ إذَا أَدَّى جَمِيعَ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ يَقُلْ الْمَوْلَى إذَا أَدَّيْتهَا فَأَنْتَ حُرٌّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵁: لَا يُعْتَقُ مَا لَمْ يَقُلْ كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا عَلَى أَنَّك إذَا أَدَّيْته إلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ، لِأَنَّ الْكِتَابَةَ ضَمُّ نَجْمٍ إلَى نَجْمٍ، فَلَوْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ ضَرَبْت عَلَيْك أَلْفًا عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَهَا إلَيَّ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا لَمْ يُعْتَقْ، فَكَذَا هَذَا. وَلَنَا أَنَّ مُوجِبَ الْعَقْدِ يَثْبُتُ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِهِ وَمُوجِبُهُ هَاهُنَا ضَمُّ حُرِّيَّةِ الْيَدِ الْحَاصِلِ فِي الْحَالِ إلَى حُرِّيَّةِ الرَّقَبَةِ عِنْدَ أَدَاءِ الْبَدَلِ فَيَثْبُتُ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute