للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَإِذَا كَاتَبَهُ عَلَى حَيَوَانٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ فَالْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ) مَعْنَاهُ أَنْ يُبَيِّنَ الْجِنْسَ وَلَا يُبَيِّنَ النَّوْعَ وَالصِّفَةَ (وَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَسَطِ وَيُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الْقِيمَةِ) وَقَدْ مَرَّ فِي النِّكَاحِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْجِنْسَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ دَابَّةٌ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً فَتُتَفَاحَشُ الْجَهَالَةُ، وَإِذَا بَيَّنَ الْجِنْسَ كَالْعَبْدِ وَالْوَصِيفِ فَالْجَهَالَةُ يَسِيرَةٌ وَمِثْلُهَا يُتَحَمَّلُ فِي الْكِتَابَةِ فَتُعْتَبَرُ جَهَالَةُ الْبَدَلِ بِجَهَالَةِ الْأَجَلِ فِيهِ.

وَمُحَمَّدٍ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هِيَ جَائِزَةٌ، وَتُقْسَمُ الْمِائَةُ دِينَارٍ عَلَى قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ وَقِيمَةُ عَبْدٍ وَسَطٍ، وَيَبْطُلُ مِنْهَا حِصَّةُ الْعَبْدِ وَيَكُونُ مُكَاتَبًا بِمَا بَقِيَ، لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمُطْلَقَ يَصْلُحُ بَدَلًا لِلْكِتَابَةِ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَسَطِ، وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ، وَكُلُّ مَا صَلُحَ بَدَلًا صَلُحَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْبَدَلِ وَهُوَ الْأَصْلُ فِي أَبْدَالِ الْعُقُودِ. وَقَالَا بِالْمُوجِبِ: أَيْ هَذَا الْأَصْلُ مُسَلَّمٌ، وَلَكِنْ فِيمَا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَاسْتِثْنَاءُ الْعَبْدِ عَيْنَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ غَيْرُ صَحِيحٍ. وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِ وَهِيَ لَا تَصْلُحُ بَدَلًا لِتَفَاحُشِ الْجَهَالَةِ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسُ وَالْقَدْرُ وَالْوَصْفُ.

(وَإِذَا كَاتَبَهُ عَلَى حَيَوَانٍ وَبَيَّنَ جِنْسَهُ) كَالْعَبْدِ وَالْفَرَسِ (وَلَمْ يُبَيِّنْ النَّوْعَ) أَنَّهُ تُرْكِيٌّ أَوْ هِنْدِيٌّ (وَلَا الْوَصْفَ) أَنَّهُ جَيِّدٌ أَوْ رَدِيءٌ (جَازَتْ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَسَطِ) مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ. وَقَدَّرَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْعَبْدِ بِمَا قِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَقَالَا: هُوَ عَلَى قَدْرِ غَلَاءِ السِّعْرِ وَرُخْصِهِ، وَلَا يُنْظَرُ فِي قِيمَةِ الْوَسَطِ إلَى قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ عَقْدُ إرْفَاقٍ، فَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ الْبَدَلُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ، وَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى الْوَسَطِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْحَيَوَانِ الْمَجْهُولِ إذَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ أَنْ يَنْصَرِفَ إلَى الْوَسَطِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَالدِّيَةِ، وَالْوَسَطُ فِيهِ نَظَرٌ لِلْجَانِبَيْنِ (وَيُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الْقِيمَةِ) لِأَنَّهُ قَضَاءٌ فِي مَعْنَى الْأَدَاءِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ لِأَنَّهَا أَصْلٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْبَدَلَ يُعْرَفُ بِهَا (وَقَدْ مَرَّ فِي النِّكَاحِ) فَصَارَ كَأَنَّهُ أَتَى بِعَيْنِ الْمُسَمَّى (وَإِنَّمَا صَحَّ الْعَقْدُ مَعَ الْجَهَالَةِ لِأَنَّهَا يَسِيرَةٌ، وَمِثْلُهَا يُتَحَمَّلُ فِي الْكِتَابَةِ) لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ (فَتُعْتَبَرُ جَهَالَةُ الْبَدَلِ لِجَهَالَةِ الْأَجَلِ فِيهِ) حَتَّى لَوْ قَالَ: كَاتَبْتُك إلَى الْحَصَادِ أَوْ الدِّيَاسِ أَوْ الْقِطَافِ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَجَازَ الْكِتَابَةَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>