غَيْرَ أَنَّهُ تُسَلَّمُ لَهَا الْأَكْسَابُ وَالْأَوْلَادُ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ انْفَسَخَتْ فِي حَقِّ الْبَدَلِ وَبَقِيَتْ فِي حَقِّ الْأَكْسَابِ وَالْأَوْلَادِ، لِأَنَّ الْفَسْخَ لِنَظَرِهَا وَالنَّظَرُ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ.
وَلَوْ أَدَّتْ الْمُكَاتَبَةُ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى عَتَقَتْ بِالْكِتَابَةِ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ.
قَالَ (وَإِنْ كَاتَبَ مُدَبَّرَتَهُ جَازَ) لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحَاجَةِ وَلَا تَنَافِي، إذْ الْحُرِّيَّةُ غَيْرُ ثَابِتَةٍ، وَإِنَّمَا الثَّابِتُ مُجَرَّدُ الِاسْتِحْقَاقِ (وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْكِتَابَةُ عَقْدٌ وَاحِدٌ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ بُطْلَانُهُ وَعَدَمُ بُطْلَانِهِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ تَحْقِيقَ كَلَامِهِ أَنَّ بُطْلَانَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ يُتَصَوَّرُ بِاعْتِبَارَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ تَبْطُلَ بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ عَلَى إيفَاءِ الْبَدَلِ، وَالثَّانِي أَنْ تَبْطُلَ بِانْتِهَائِهِ بِإِيفَائِهِ، وَبِالْأَوَّلِ يَعُودُ رَقِيقًا وَأَوْلَادُهُ وَأَكْسَابُهُ لِمَوْلَاهُ، وَبِالثَّانِي يُعْتَقُ هُوَ وَأَوْلَادُهُ وَيَخْلُصُ لَهُ مَا بَقِيَ مِنْ أَكْسَابِهِ، وَحَيْثُ احْتَجْنَا هَاهُنَا إلَى بُطْلَانِ الْكِتَابَةِ نَظَرًا لِلْمُكَاتَبِ وَكَانَ النَّظَرُ لَهُ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ صِرْنَا إلَيْهِ. لَا يُقَالُ: فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَسَامُحٌ، لِأَنَّهُ عَلَّلَ بُطْلَانَهُ بِامْتِنَاعِ بَقَائِهِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ ثُمَّ عَلَّلَهُ بِالنَّظَرِ لَهُ، وَالْمَعْلُولُ الْوَاحِدُ بِالشَّخْصِ لَا يُعَلَّلُ بِعِلَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، لِأَنَّ لِلْكِتَابَةِ جِهَتَيْنِ: جِهَةٌ هِيَ لِلْمُكَاتَبِ، وَجِهَةٌ هِيَ عَلَيْهِ، وَعَلَّلَ الثَّانِيَةَ بِالْأُولَى وَالْأُولَى بِالثَّانِيَةِ فَتَأَمَّلْهُ فَلَعَلَّهُ سَدِيدٌ (وَلَوْ أَدَّتْ الْمُكَاتَبَةَ) بِالنَّصْبِ: أَيْ بَدَلَ الْكِتَابَةِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَلَوْ أَدَّتْ الْكِتَابَةَ وَهُوَ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ (قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى عَتَقَتْ بِالْكِتَابَةِ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ)
(وَإِنْ كَاتَبَ مُدَبَّرَتَهُ) وَضْعُ الْمَسْأَلَةِ مُنَاسِبَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أُمِّ الْوَلَدِ وَوَضْعُهَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي الْمُدَبَّرِ، وَإِنَّمَا جَازَ كِتَابَتُهَا لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَهُوَ الْحَاجَةُ، فَإِنَّ الثَّابِتَ بِالتَّدْبِيرِ مُجَرَّدُ اسْتِحْقَاقِ الْحُرِّيَّةِ لَا حَقِيقَتُهَا وَانْتِفَاءُ الْمَانِعِ وَهُوَ عَدَمُ الْمُنَافَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَالَ (وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute