اجْعَلْ هَذَا فِي وِتْرِك» مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ (وَيَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) مِنْ الْوِتْرِ (فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً) لِقَوْلِهِ تَعَالَى
لِلْحَسَنِ حِينَ عَلَّمَهُ دُعَاءَ الْقُنُوتِ (اجْعَلْ هَذَا فِي وِتْرِك مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ) وَتَأْوِيلُ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُنُوتِ طُولُ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَئِنْ سُلِّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقُنُوتُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ فَذَلِكَ أَثَرُ الصَّحَابِيِّ. وَالشَّافِعِيُّ لَا يَرَى الِاحْتِجَاجَ بِهِ. لَا يُقَالُ: إنَّمَا احْتَجَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إجْمَاعٌ مَعْنًى، فَإِنَّ أُبَيًّا كَانَ يَوْمًا بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَحَلَّ مَحَلَّ الْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ خِلَافَ ابْنِ عُمَرَ قَدْ ثَبَتَ حَيْثُ قَالَ: لَا أَعْرِفُ الْقُنُوتَ إلَّا طُولَ الْقِيَامِ، وَمَعَ خِلَافِهِ لَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ (وَيَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ الْوِتْرِ) بِالْإِجْمَاعِ، أَمَّا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ فَلِأَنَّ الْقِرَاءَةَ وَاجِبَةٌ فِي جَمِيعِ رَكَعَاتِ النَّفْلِ، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلِأَنَّ وُجُوبَهُ لَمَّا كَانَ بِالسُّنَّةِ وَجَبَ الْقِرَاءَةُ فِي الْجَمِيعِ احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّهَا لَا تُفِيدُ الْقَطْعَ.
وَاسْتِدْلَالُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ إنَّمَا هُوَ عَلَى وُجُوبِ مُطْلَقِ الْقِرَاءَةِ، وَأَمَّا عَلَى تَعْيِينِ الْفَاتِحَةِ وَضَمِّ سُورَةٍ إلَيْهَا فَلَا دَلَالَةَ لِلْآيَةِ عَلَى ذَلِكَ نَعَمْ مَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا إنَّهُ لَا يُعَيِّنُ سُورَةً بِعَيْنِهَا يَقْرَؤُهَا عَلَى الدَّوَامِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَلَوْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِمَا وَرَدَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي بَعْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute