وَمُكَاتَبِ الْغَيْرِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْأَجَلَ فِي حَقِّ الْمُكَاتَبِ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْأَدَاءِ إلَّا بِهِ فَأُعْطِيَ لَهُ حُكْمُ الْمَالِ، وَبَدَلُ الْكِتَابَةِ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى لَا تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِهِ فَاعْتَدَلَا فَلَا يَكُونُ رِبًا، وَلِأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ عَقْدٌ مِنْ وَجْهٍ
وَقَدْ مَرَّ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ عَلَى مُكَاتَبِ الْغَيْرِ أَلْفٌ إلَى سَنَةٍ فَصَالَحَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ مُعَجَّلَةٍ (وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْأَجَلَ فِي حَقِّ الْمُكَاتَبِ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ الْبَدَلِ إلَّا بِهِ فَأُعْطِيَ لَهُ حُكْمُ الْمَالِ وَبَدَلُ الْكِتَابَةِ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى لَا تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِهِ فَاعْتَدَلَا) وَكَانَا اعْتِيَاضًا عَمَّا هُوَ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ بِمَا هُوَ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ (فَلَمْ يَكُنْ) ثَمَّةَ (رِبًا) وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ الْمَالَ مَا يُتَمَوَّلُ بِهِ وَهُوَ يَعْتَمِلُ الْإِحْرَازَ وَذَلِكَ فِي الْأَجَلِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ فَأُعْطِيَ لَهُ حُكْمُ الْمَالِ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ لَفْظًا وَمَعْنًى، أَمَّا لَفْظًا فَلِأَنَّ أَعْطَى مُتَعَدٍّ إلَى مَفْعُولَيْهِ بِلَا وَاسِطَةٍ وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ بِاللَّامِ وَأَمَّا مَعْنًى فَلِأَنَّهُ قَالَ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْمُكَاتَبِ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ، فَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ فَأُعْطِيَ لَهُ حُكْمَ الْمَالِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَاتَ الِاعْتِدَالُ إذْ الدَّيْنُ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ، وَإِنْ أَرَادَ حُكْمَ الْمَالِ مِنْ وَجْهٍ فَهُوَ تَحْصِيلٌ لِلْحَاصِلِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ أَنَّ الْمَالَ مَا يُتَمَوَّلُ بِهِ وَيُحْرَزُ صَحِيحٌ إذَا كَانَ مَالًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلَيْسَ مَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ هَاهُنَا أَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى تَحْصِيلِ مَقْصُودِ الْمُكَاتَبِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ كَعَيْنِ الدَّرَاهِمِ لِتَوَقُّفِ قُدْرَةِ الْأَدَاءِ عَلَيْهِ تَوَقُّفَهَا عَلَى عَيْنِ الدَّرَاهِمِ، وَضَمَّنَ أَعْطَى مَعْنَى اعْتَبَرَ، وَمَعْنَاهُ اعْتَبَرَ لِلْأَجَلِ حُكْمَ الْمَالِ، فَإِنَّ الشَّيْءَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جِهَةً فِي شَيْءٍ وَلَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا، فَبَيَّنَ أَنَّهُ اعْتَبَرَ لَهُ تِلْكَ الْجِهَةَ تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ وَنَظَرًا لِلْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ) وَجْهٌ آخَرُ لِلِاسْتِحْسَانِ.
وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ عَقْدٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ لَهُ شَبَهًا بِالتَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ فَيَكُونُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَمِينًا وَالْأَجَلُ رِبًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَفِيهِ شُبْهَةُ الرِّبَا، وَشُبْهَةُ الرِّبَا إذَا وَقَعَتْ فِي شُبْهَةِ الْعَقْدِ كَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute