ثُمَّ تَرَكَهُ (فَإِنْ قَنَتَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَسْكُتُ مَنْ خَلْفَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ ﵀ يُتَابِعُهُ) لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِإِمَامِهِ، وَالْقُنُوتُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ. وَلَهُمَا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَلَا مُتَابَعَةَ فِيهِ، ثُمَّ قِيلَ يَقِفُ قَائِمًا لِيُتَابِعَهُ فِيمَا تَجِبُ مُتَابَعَتُهُ، وَقِيلَ يَقْعُدُ تَحْقِيقًا لِلْمُخَالَفَةِ لِأَنَّ السَّاكِتَ شَرِيكُ الدَّاعِي وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ
«قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ شَهْرًا» أَوْ قَالَ «أَرْبَعِينَ يَوْمًا يَدْعُو عَلَى رَعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ حِينَ قَتَلُوا الْقُرَّاءَ وَهْم سَبْعُونَ رَجُلًا أَوْ ثَمَانُونَ» وَقِيلَ فَلَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ تَرَكَ ذَلِكَ (فَإِنْ قَنَتَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَسْكُتُ مَنْ خَلْفَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُتَابِعُهُ)؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمُتَابَعَةُ (وَالْقُنُوتُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ) فَلَا يُتْرَكُ الْأَصْلُ بِالشَّكِّ (وَلَهُمَا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ) لِمَا رَوَيْنَا أَنَّهُ ﷺ قَنَتَ شَهْرًا ثُمَّ تَرَكَ (وَلَا مُتَابَعَةَ فِي الْمَنْسُوخِ) وَإِذَا لَمْ يُتَابِعْهُ مَاذَا يَفْعَلُ (قَالَ بَعْضُهُمْ: يَقِفُ قَائِمًا لِيُتَابِعَهُ فِيمَا تَجِبُ مُتَابَعَتُهُ، وَقِيلَ يَقْعُدُ تَحْقِيقًا لِلْمُخَالَفَةِ؛ لِأَنَّ السَّاكِتَ شَرِيكُ الدَّاعِي) أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُقْتَدِيَ لَا يَأْتِي بِالْقِرَاءَةِ وَهُوَ شَرِيكُ الْإِمَامِ. لَا يُقَالُ: كَيْفَ يَقْعُدُ تَحْقِيقًا لِلْمُخَالَفَةِ وَهِيَ مُفْسِدَةٌ لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيمَا هُوَ مِنْ الْأَرْكَانِ أَوْ الشَّرَائِطِ مُفْسِدَةٌ لَا فِي غَيْرِهَا. وَلَا يُقَالُ: السَّاكِتُ إذَا كَانَ شَرِيكَ الدَّاعِي يَنْبَغِي أَلَّا يَقْعُدَ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ مَوْجُودٌ فِي الْقُعُودِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ إنَّمَا يَكُونُ دَلِيلَ الشَّرِكَةِ. إذَا لَمْ تُوجَدْ الْمُخَالَفَةُ، وَقَدْ وُجِدَتْ؛ لِأَنَّهُ قَاعِدٌ وَإِمَامُهُ قَائِمٌ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ)؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِمَامِ يَشْتَمِلُ عَلَى مَشْرُوعٍ وَغَيْرِهِ، فَمَا كَانَ مَشْرُوعًا يَتْبَعُهُ فِيهِ، وَمَا كَانَ غَيْرَ مَشْرُوعٍ لَا يَتْبَعُهُ فِيهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُسَلِّمُ قَبْلَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ اشْتَغَلَ بِالْبِدْعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute