قَالَ (فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَدًا فَوَلَاؤُهُ لِمَوَالِي الْأُمِّ) لِأَنَّهُ عَتَقَ تَبَعًا لِلْأُمِّ لِاتِّصَالِهِ بِهَا بَعْدَ عِتْقِهَا فَيَتْبَعُهَا فِي الْوَلَاءِ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ بِقِيَامِهِ وَقْتَ الْإِعْتَاقِ حَتَّى يَعْتِقَ مَقْصُودًا (فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ جَرَّ وَلَاءَ ابْنِهِ وَانْتَقَلَ عَنْ مَوَالِي الْأُمِّ إلَى مَوَالِي الْأَبِ) لِأَنَّ الْعِتْقَ هَاهُنَا فِي الْوَلَدِ يَثْبُتُ تَبَعًا لِلْأُمِّ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْوَلَاءَ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ قَالَ ﵊ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ» ثُمَّ النَّسَبُ إلَى الْآبَاءِ فَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ وَالنِّسْبَةُ إلَى مَوَالِي الْأُمِّ كَانَتْ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْأَبِ ضَرُورَةً، فَإِذَا صَارَ أَهْلًا عَادَ الْوَلَاءُ إلَيْهِ؛ كَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ يُنْسَبُ إلَى قَوْمِ الْأُمِّ ضَرُورَةً، فَإِذَا أَكَذَبَ الْمُلَاعِنُ نَفْسَهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أُعْتِقَتْ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ حَيْثُ يَكُونُ الْوَلَدُ مَوْلًى لِمَوَالِي الْأُمِّ وَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ لِتَعَذُّرِ إضَافَةِ الْعُلُوقِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ الْبَائِنِ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ وَبَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ لِمَا أَنَّهُ يَصِيرُ مُرَاجَعًا بِالشَّكِّ فَأُسْنِدَ إلَى حَالَةِ النِّكَاحِ فَكَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا عِنْدَ الْإِعْتَاقِ فَعَتَقَ مَقْصُودًا
(وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ
الْوَلَدِ لَا يَنْتَقِلُ وَلَاؤُهُ أَبَدًا، وَإِنْ وَقَعَ تَبَعًا لِأُمِّهِ ثُمَّ أُعْتِقَ الْأَبُ جَرَّ وَلَاءَ ابْنِهِ إلَى مَوَالِيهِ.
وَعَلَى هَذَا إذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ أَمَةً وَوَلَدَهَا عَتَقَا وَوَلَاؤُهُمَا لَهُ، فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَجُرُّ وَلَاءَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْ الْأُمِّ كَانَ مَمْلُوكًا لِمَالِكِ الْأُمِّ وَالْعِتْقُ تَنَاوَلَهُ مَقْصُودًا فَلَا يَتَّبِعُ أَحَدًا، وَإِذَا أُعْتِقَتْ الْأُمُّ وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ أُعْتِقَتْ وَوَلَدَتْ بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ وَلَدَتْ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِيَوْمٍ ثُمَّ أَعْتَقَ الْأَبَ رَجُلٌ آخَرُ فَكَذَلِكَ لَا يَنْتَقِلُ الْوَلَاءُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ لِأَنَّ الْمَوْلَى قَصَدَ إعْتَاقَ الْأُمِّ، وَالْقَصْدُ إلَيْهَا بِالْإِعْتَاقِ قَصْدٌ إلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَالْحَمْلُ جُزْءٌ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ ظَاهِرًا وَقْتَ الْإِعْتَاقِ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ حَصَلَ الْيَقِينُ بِقِيَامِهِ فِيهِ، وَكَذَا إذَا وَلَدَتْ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ لِأَنَّهُمَا يَتَعَلَّقَانِ مَعًا. فَإِنْ قِيلَ: الْحُبْلَى إذَا وَالَتْ رَجُلًا وَالزَّوْجُ وَالَى غَيْرَهُ كَانَ وَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوْلَى الْأَبِ فَمَا الْفَرْقُ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْجَنِينَ غَيْرُ قَابِلٍ لِهَذَا الْوَلَاءِ مَقْصُودًا، لِأَنَّ تَمَامَهُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَهُوَ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لَهُ، وَإِذَا أَعْتَقَهَا ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَوَلَاؤُهُ لِمَوَالِي الْأُمِّ لِأَنَّهَا لَمَّا وَلَدَتْ لِذَلِكَ لَمْ يَتَيَقَّنْ لِقِيَامِ الْحَمْلِ وَقْتَ الْإِعْتَاقِ حَتَّى يُعْتَقَ مَقْصُودًا فَيُعْتَقَ تَبَعًا لِلْأُمِّ لِاتِّصَالِهِ بِهَا بَعْدَ عِتْقِهَا فَيَتْبَعُهَا فِي الْوَلَاءِ.
فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ جَرَّ وَلَاءَ ابْنِهِ إلَى مَوَالِيهِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ. قَالَ ﷺ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» الْحَدِيثَ. ثُمَّ النَّسَبُ إلَى الْآبَاءِ فَكَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute