للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، وَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّ السِّعَايَةَ إنَّمَا تَجِبُ لِلتَّخْرِيجِ إلَى الْحُرِّيَّةِ أَوْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا،

كَوْنُهُ آلَةً صَحَّتْ الْإِضَافَةُ إلَيْهِ (فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ) أَمَّا وُجُوبُ الضَّمَانِ فَفِيمَا إذَا قَالَ الْمُكْرِهُ أَرَدْت بِقَوْلِي هُوَ حُرٌّ عِتْقًا مُسْتَقْبَلًا كَمَا طَلَبَ مِنِّي فَإِنَّهُ يُعْتَقُ الْعَبْدُ قَضَاءً وَدِيَانَةً، وَيَضْمَنُ الْمُكْرَهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا أَمَرَهُ بِهِ عَلَى وَفْقِ مَا أَكْرَهَهُ، وَكَذَا إذَا قَالَ لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِي سِوَى الْإِتْيَانِ بِمَطْلُوبِهِ، وَإِنْ قَالَ خَطَرَ بِبَالِي الْإِخْبَارُ بِالْحُرِّيَّةِ فِيمَا مَضَى كَاذِبًا وَأَرَدْت ذَلِكَ لَا إنْشَاءَ الْحُرِّيَّةِ عَتَقَ الْعَبْدُ قَضَاءً لَا دِيَانَةً لِأَنَّهُ عَدَلَ عَمَّا أُكْرِهَ عَلَيْهِ فَكَانَ طَائِعًا فِي الْإِقْرَارِ فَلَا يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي فِي دَعْوَى الْإِخْبَارِ كَاذِبًا، وَلَا يَضْمَنُ الْمُكْرَهُ شَيْئًا لِأَنَّ الْعَبْدَ عَتَقَ بِالْإِقْرَارِ طَائِعًا لَا بِالْإِكْرَاهِ.

فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ الْمُكْرَهُ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ بِعِوَضٍ وَهُوَ الْوَلَاءُ، وَالْإِتْلَافُ بِعِوَضٍ كَلَا إتْلَافٍ. فَالْجَوَابُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْوَلَاءَ عِوَضٌ لِأَنَّ سَبَبَهُ الْعِتْقُ عَلَى مِلْكِ الْمَوْلَى فَكَيْفَ يَكُونُ الْمُكْرَهُ مُعَوَّضًا عَمَّا أَتْلَفَهُ بِمَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهِ أَصْلًا. سَلَّمْنَاهُ وَلَكِنْ إنَّمَا يَكُونُ كَلَا إتْلَافٍ إذَا كَانَ الْعِوَضُ مَالًا كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِ طَعَامِ الْغَيْرِ فَأَكَلَ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ لِأَنَّهُ حَصَلَ لِلْمُكْرَهِ عِوَضٌ، أَوْ فِي حُكْمِ الْمَالِ كَمَا فِي مَنَافِعِ الْبُضْعِ إذَا أَتْلَفَهَا مُكْرَهًا لِأَنَّ مَنَافِعَهُ تُعَدُّ مَالًا عِنْدَ الدُّخُولِ، وَالْوَلَاءُ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا شَهِدَا بِالْوَلَاءِ ثُمَّ رَجَعَا لَا يَضْمَنَانِ. (وَأَمَّا عَدَمُ السِّعَايَةِ فَلِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ لِلتَّخْرِيجِ إلَى الْحُرِّيَّةِ) كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُسْتَسْعَى كَالْمُكَاتَبِ وَقَدْ خَرَجَ فَلَا يُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ ثَانِيًا (أَوْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْعَبْدِ حَقُّ الْغَيْرِ فَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>