مَأْذُونٌ فِي جَمِيعِهَا) وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَكُونُ مَأْذُونًا إلَّا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا نَهَاهُ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي نَوْعٍ آخَرَ. لَهُمَا أَنَّ الْإِذْنَ تَوْكِيلٌ وَإِنَابَةٌ مِنْ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْ جِهَتِهِ وَيَثْبُتُ الْحُكْمُ وَهُوَ الْمِلْكُ لَهُ دُونَ الْعَبْدِ، وَلِهَذَا يَمْلِكُ حَجْرَهُ فَيَتَخَصَّصُ بِمَا خَصَّهُ بِهِ كَالْمُضَارِبِ. وَلَنَا أَنَّهُ إسْقَاطُ الْحَقِّ وَفَكُّ الْحَجْرِ عَلَى مَا بَيِّنَاهُ، وَعِنْدَ ذَلِكَ تَظْهَرُ مَالِكِيَّةُ الْعَبْدِ فَلَا يَتَخَصَّصُ بِنَوْعٍ دُونَ نَوْعٍ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي مَالِ غَيْرِهِ فَيَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ مِنْ جِهَتِهِ، وَحُكْمُ التَّصَرُّفِ وَهُوَ الْمِلْكُ وَاقِعٌ لِلْعَبْدِ حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ
أَنَّهُ تَوْكِيلٌ وَإِنَابَةٌ، وَعَلَى ذَلِكَ تَنْبَنِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، وَهِيَ أَنَّهُ إذَا أُذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ كَالْبَزِّ مَثَلًا دُونَ غَيْرِهِ (كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِهَا عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمَا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ خَاصَّةً، وَكَذَا لَوْ كَانَ أَذِنَ لَهُ إذْنًا عَامًّا ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ نَوْعٍ قَالَا: الْإِذْنُ تَوْكِيلٌ وَإِنَابَةٌ مِنْ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْ جِهَتِهِ وَالْمِلْكُ وَهُوَ الْحُكْمُ يَثْبُتُ لَهُ) أَيْ لِلْمَوْلَى (دُونَ الْعَبْدِ وَلِهَذَا يَمْلِكُ حَجْرَهُ فَيُتَخَصَّصُ الْإِذْنُ بِمَا خَصَّهُ بِهِ كَالْمُضَارِبِ) إذَا قَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ اعْمَلْ مُضَارَبَةً فِي الْبَزِّ مَثَلًا (وَلَنَا أَنَّ الْإِذْنَ بِإِسْقَاطِ الْحَقِّ وَفَكِّ الْحَجْرِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ) فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْمَأْذُونِ (وَعِنْدَ ذَلِكَ تَظْهَرُ مَالِكِيَّةُ الْعَبْدِ فَلَا يَتَخَصَّصُ بِنَوْعٍ دُونَ نَوْعٍ) لِكَوْنِ التَّخْصِيصِ إذْ ذَاكَ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ. وَنُوقِضَ بِالْإِذْنِ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّهُ فَكُّ الْحَجْرِ وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ، وَإِذَا أُذِنَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ فُلَانَةَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِذْنَ فِيهِ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ لَا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، لِأَنَّ النِّكَاحَ تَصَرُّفُ مَمْلُوكٍ لِلْمَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِوَلِيٍّ، وَالرِّقُّ أَخْرَجَ الْعَبْدَ مِنْ أَهْلِيَّةِ الْوِلَايَةِ عَلَى نَفْسِهِ فَكَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلْمَوْلَى، وَلِهَذَا جَازَ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَيْهِ فَكَانَ الْعَبْدُ كَالْوَكِيلِ وَالنَّائِبِ عَنْ مَوْلَاهُ فَيَتَخَصَّصُ بِمَا خَصَّهُ بِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الضَّرَرَ اللَّاحِقَ بِالْمَوْلَى يَمْنَعُ الْإِذْنَ وَقَدْ يَتَضَرَّرُ الْمَوْلَى بِغَيْرِ مَا خَصَّهُ بِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ عَالِمًا بِالتِّجَارَةِ فِي الْبَزِّ دُونَ الْخَزِّ. أُجِيبَ بِأَنَّهُ ضَرَرٌ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ، وَلَئِنْ كَانَ فَلَهُ مِدْفَعٌ وَهُوَ التَّوْكِيلُ بِهِ، عَلَى أَنَّ جَوَازَ التَّصَرُّفِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵁ يَدْفَعُ ذَلِكَ، وَبِالْجُمْلَةِ إذَا ثَبَتَ بِالدَّلِيلِ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِأَهْلِيَّتِهِ وَمَالِكِيَّتِهِ فَلَيْسَ السُّؤَالُ وَارِدًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا عَنْ قَوْلِهِ كَالْمُضَارِبِ، لِأَنَّ الْمُضَارِبَ وَكِيلٌ وَالْوَكِيلُ يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْ جِهَتِهِ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي مَالِ غَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ (وَحُكْمُ التَّصَرُّفِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute