للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غَلَّةِ الْمِثْلِ يَرُدُّهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ فِيهَا وَتَقَدُّمِ حَقِّهِمْ. .

قَالَ (فَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لَمْ يَنْحَجِرْ حَتَّى يَظْهَرَ حَجْرُهُ بَيْنَ أَهْلِ سُوقِهِ)؛ لِأَنَّهُ لَوْ انْحَجَرَ لَتَضَرَّرَ النَّاسُ بِهِ لِتَأَخُّرِ حَقِّهِمْ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ لِمَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِ وَكَسْبِهِ وَقَدْ بَايَعُوهُ عَلَى رَجَاءِ ذَلِكَ، وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ أَكْثَرِ أَهْلِ سُوقِهِ، حَتَّى لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي السُّوقِ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ لَمْ يَنْحَجِرْ، وَلَوْ بَايَعُوهُ جَازَ، وَإِنْ بَايَعَهُ الَّذِي عَلِمَ بِحَجْرِهِ وَلَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ سُوقِهِ يَنْحَجِرُ، وَالْمُعْتَبَرُ شُيُوعُ الْحَجْرِ وَاشْتِهَارُهُ فَيُقَامُ ذَلِكَ مَقَامَ الظُّهُورِ عِنْدَ الْكُلِّ كَمَا فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ مِنْ الرُّسُلِ ، وَيَبْقَى الْعَبْدُ مَأْذُونًا إلَى أَنْ يَعْلَمَ بِالْحَجْرِ كَالْوَكِيلِ إلَى أَنْ يَعْلَمَ بِالْعَزْلِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِهِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَمَا رَضِيَ بِهِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الشُّيُوعُ فِي الْحَجْرِ إذَا كَانَ الْإِذْنُ شَائِعًا. أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا الْعَبْدُ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ بِعِلْمٍ مِنْهُ يَنْحَجِرُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ. .

قَالَ (وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى أَوْ جُنَّ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا صَارَ الْمَأْذُونُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ)؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ غَيْرُ لَازِمٍ، وَمَا لَا يَكُونُ لَازِمًا مِنْ التَّصَرُّفِ يُعْطَى لِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِ أَهْلِيَّةِ الْإِذْنِ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ وَهِيَ تَنْعَدِمُ بِالْمَوْتِ وَالْجُنُونِ، وَكَذَا بِاللُّحُوقِ

الْأَرْضِ أَوْ كِرَائِهَا أَوْ أُجْرَةِ غُلَامٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَمَعْنَاهُ: لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الضَّرِيبَةَ الَّتِي ضَرَبَهَا عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ بَعْدَمَا لَزِمَتْهُ الدُّيُونُ كَمَا كَانَ يَأْخُذُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ رِيعِهِ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ، وَلَا يَأْخُذُ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَأْخُذُهُ قَبْلَ الدُّيُونِ. وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَأْخُذَ أَصْلًا، وَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا رَدَّهُ لِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ كَسْبِهِ وَكَسْبُهُ حَقُّ الْغُرَمَاءِ، وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقِيلَ لِسَلَامَةِ الْمُقَرَّرِ قَبْلَهُ لِلْمَوْلَى لِأَنَّ فِي أَخْذِ الْمَوْلَى ذَلِكَ مَنْفَعَةً لِلْغُرَمَاءِ بِإِبْقَائِهِ عَلَى الْإِذْنِ بِسَبَبِ مَا يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ الْغَلَّةِ، فَلَوْ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فَلَا يَحْصُلُ الْكَسْبُ. وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَأْخُذُهَا لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ حَيْثُ لَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَحْصِيلِ الْغَلَّةِ، فَإِنْ أَخَذَهَا رَدَّهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِمْ فِيهَا.

ثُمَّ إذْنُ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ شَائِعًا أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَمْ يَنْحَجِرْ بِحَجْرِهِ حَتَّى يَظْهَرَ الْحَجْرُ لَهُ وَلِأَكْثَرِ أَهْلِ سُوقِهِ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ النَّاسُ بِمَا لَمْ يَرْضَوْا بِهِ مِنْ تَأَخُّرِ حَقِّهِمْ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ لَمَّا لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهُمْ بِرَقَبَتِهِ وَكَسْبِهِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ إنْ اكْتَسَبَ شَيْئًا أَخَذَهُ الْمَوْلَى، وَإِنْ لَحِقَهُ دَيْنٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ حُجِرَ عَلَيْهِ فَيَتَأَخَّرُ حُقُوقُهُمْ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَهُوَ مَوْهُومٌ وَقَدْ بَايَعُوهُ عَلَى رَجَاءِ ذَلِكَ: أَيْ تَعَلَّقَ حَقُّهُمْ بِرَقَبَتِهِ وَكَسْبِهِ وَهُوَ عَلَى إذْنِهِ إلَى أَنْ يَعْلَمَ بِالْحَجْرِ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِهِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ، فَكَانَ كَالْوَكِيلِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَزْلِ، وَلَوْ حَجَرَ فِي السُّوقِ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ فَكَذَلِكَ وَمُبَايَعَتُهُ جَائِزَةٌ، وَإِنْ بَايَعَهُ الَّذِي عَلِمَ بِحَجْرِهِ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَتَجَزَّأُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ ابْتِدَاءً فَكَذَا بَقَاءً، وَلَوْ حَجَرَ فِي بَيْتِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ انْحَجَرَ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ شُيُوعُ الْحَجْرِ وَاشْتِهَارُهُ، فَيُقَامُ ذَلِكَ مَقَامَ الظُّهُورِ عِنْدَ الْكُلِّ

دَفْعًا لِلْحَرَجِ

كَمَا فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ مِنْ الرُّسُلِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَإِنْ كَانَ الثَّانِي بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْإِذْنِ إلَّا الْعَبْدُ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ بِعِلْمٍ مِنْهُ يَنْحَجِرُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَالْإِضْرَارِ.

قَالَ (وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى أَوْ جُنَّ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ التَّصَرُّفَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَازِمًا كَانَ لِدَوَامِهِ حُكْمُ ابْتِدَائِهِ فَيَحْتَاجُ إلَى قِيَامِ الْأَهْلِيَّةِ حَالَةَ الْبَقَاءِ كَالِابْتِدَاءِ، وَعَلَى هَذَا إذَا مَاتَ الْمَوْلَى أَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ تَعْرِيفُهُ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ انْحَجَرَ الْمَأْذُونُ لِانْتِفَاءِ الْأَهْلِيَّةِ بِهَذِهِ الْعَوَارِضِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، لِأَنَّ اللِّحَاقَ مَوْتٌ حُكْمِيٌّ وَلِهَذَا يُقْسَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>