لِأَنَّ حَقَّ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِ حَتَّى كَانَ لِأَحَدِهِمْ الِاسْتِخْلَاصُ بِأَدَاءِ قِيمَتِهِ. أَمَّا حَقُّ الْغُرَمَاءِ تَعَلَّقَ بِالْمَالِيَّةِ لَا غَيْرَ فَافْتَرَقَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إنْ بَاعَهُ بِنُقْصَانٍ يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَيُخَيَّرُ الْمَوْلَى إنْ شَاءَ أَزَالَ الْمُحَابَاةَ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ، وَعَلَى الْمَذْهَبَيْنِ الْيَسِيرُ مِنْ الْمُحَابَاةِ وَالْفَاحِشُ سَوَاءٌ. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الِامْتِنَاعَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْغُرَمَاءِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الضَّرَرُ عَنْهُمْ، وَهَذَا
وَبِغَيْرِهِ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَهَذَا الْخِلَافُ مُتَعَلِّقٌ بِأَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَإِذَا بَاعَ مِنْ الْمَوْلَى شَيْئًا بِمِثْلِ قِيمَتِهِ جَازَ هَذَا عَلَى تَقْدِيرِ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ وَبِخِلَافِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ بِلَا مَعْطُوفٍ عَلَيْهِ، بَلْ الْمُنَاسِبُ لِذَلِكَ عَدَمُ الْوَاوِ.
وَقَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِدُونِ الْوَاوِ فَيَتَعَلَّقُ بِحُكْمِ قَوْلِهِ الْمُتَّصِلِ بِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا حَابَى الْأَجْنَبِيَّ: أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي كُلِّ حَالٍ: أَعْنِي إذَا كَانَتْ الْمُحَابَاةُ يَسِيرَةً أَوْ فَاحِشَةً أَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ: وَبَيْعُ الْمَرِيضِ مِنْ وَارِثِهِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ، وَهَذَا أَوْجَهُ، وَلَكِنَّ النُّسْخَةَ بِالْوَاوِ تَأْبَاهُ. قُلْت: ذَلِكَ أَوْجَهُ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ بِالْقُرْبِ دُونَ الْمَعْنَى، لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَابَى الْأَجْنَبِيَّ جَوَازُ الْمُحَابَاةِ مَعَهُ مُطْلَقًا، وَلَا يُرَدُّ بَيْعُ الْمَرِيضِ مِنْ وَارِثِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ إشْكَالًا عَلَيْهِ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى الْجَوَابِ. وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوَاوِ بِجَعْلِهِ مُتَعَلِّقًا بِأَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ، وَفِي كَلَامِهِ تَعْقِيدٌ، وَتَقْرِيرُ كَلَامِهِ هَكَذَا: وَإِنْ بَاعَ مِنْ الْمَوْلَى شَيْئًا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ جَازَ لِأَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ عَنْ كَسْبِهِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الْمَرِيضُ مِنْ الْوَارِثِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ، لِأَنَّ حَقَّ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِ: أَيْ عَيْنِ مَالِ الْمَيِّتِ حَتَّى كَانَ لِأَحَدِهِمْ الِاسْتِخْلَاصُ بِأَدَاءِ قِيمَتِهِ، أَمَّا حَقُّ الْغُرَمَاءِ فَيَتَعَلَّقُ بِالْمَالِيَّةِ لَا غَيْرُ فَافْتَرَقَا: أَيْ الْمَوْلَى وَالْمَرِيضُ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ مِنْ الْمَوْلَى بِمِثْلِ الْقِيمَةِ دُونَ الْوَارِثِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَذْكُرُ قَوْلَهُ وَإِنْ بَاعَ بِنُقْصَانٍ لَمْ يَجُزْ إلَخْ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: إنْ بَاعَهُ بِنُقْصَانٍ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيُخَيَّرُ الْمَوْلَى، إنْ شَاءَ أَزَالَ الْمُحَابَاةَ بِإِيصَالِ الثَّمَنِ إلَى تَمَامِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَتَخْصِيصُهُمَا بِهَذَا الْحُكْمِ اخْتِيَارٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ لِقَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ. قِيلَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ قَوْلُ الْكُلِّ لِأَنَّ الْمَوْلَى بِسَبِيلٍ مِنْ تَخْلِيصِ كَسْبِهِ لِنَفْسِهِ بِالْقِيمَةِ بِدُونِ الْبَيْعِ، فَلَأَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ بِالْبَيْعِ أَوْلَى، فَصَارَ الْعَبْدُ فِي تَصَرُّفِهِ مَعَ مَوْلَاهُ كَالْمَرِيضِ الْمَدْيُونِ فِي تَصَرُّفِهِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْمَذْهَبَيْنِ) أَيْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَذْهَبِ صَاحِبَيْهِ اعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالدَّلِيلِ لِبَيَانِ تَسَاوِي الْمُحَابَاةِ بِالْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ، فَإِنَّ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ ﵁ إذَا بَاعَ مِنْ مَوْلَاهُ بِنُقْصَانٍ يَسِيرٍ أَوْ كَثِيرٍ لَا يَجُوزُ فَلَا يُخَيَّرُ، وَعَلَى مَذْهَبِهِمَا يَجُوزُ وَلَكِنْ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى (وَوَجْهُ ذَلِكَ) أَيْ وَجْهُ الْجَوَازِ مَعَ التَّخْيِيرِ (أَنَّ الِامْتِنَاعَ) عَنْ الْبَيْعِ بِالنُّقْصَانِ (لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْغُرَمَاءِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الضَّرَرُ عَنْهُمْ، وَهَذَا) أَيْ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute