للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ (فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي) مَعْنَاهُ إذَا أَنْكَرَ الدَّيْنَ وَهَذَا (عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْمُشْتَرِي خَصْمُهُمْ وَيَقْضِي لَهُمْ بِدَيْنِهِمْ) وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا اشْتَرَى دَارًا وَوَهَبَهَا وَسَلَّمَهَا وَغَابَ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَالْمَوْهُوبُ لَهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ. وَعَنْهُمَا مِثْلُ قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الشُّفْعَةِ. لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَدَّعِي الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ فَيَكُونُ خَصْمًا لِكُلِّ مَنْ يُنَازِعُهُ. وَلَهُمَا أَنَّ الدَّعْوَى تَتَضَمَّنُ فَسْخَ الْعَقْدِ وَقَدْ قَامَ بِهِمَا فَيَكُونُ الْفَسْخُ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ. .

مُخْتَارًا لِقَضَاءِ الدُّيُونِ مِنْ مَالِهِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ مُوجِبَ الْجِنَايَةِ الدَّفْعُ عَلَى الْمَوْلَى، فَإِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ طُولِبَ بِهِ لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الدَّيْنُ فَهُوَ وَاجِبٌ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ بِحَيْثُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالْبَيْعِ وَالْإِعْتَاقِ حَتَّى يُؤَاخَذَ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، فَلَمَّا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْبَيْعُ مِنْ الْمَوْلَى بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَقْضِي دَيْنَهُ وَذَلِكَ عِدَةٌ مِنْهُ بِالتَّبَرُّعِ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنَا أَقْضِي دَيْنَهُ يَحْتَمِلُ الْكَفَالَةَ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ عِدَةً.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الْعِدَةَ أَدْنَى الِاحْتِمَالَيْنِ فَيَثْبُتُ بِهِ إلَّا أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى خِلَافِهِ (فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي إذَا أَنْكَرَ الدَّيْنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِالْإِنْكَارِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا أَقَرَّ بِدَيْنِهِمْ وَصَدَّقَهُمْ فِي الدَّعْوَى كَانَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوا الْبَيْعَ بِلَا خِلَافٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : الْمُشْتَرِي خَصْمُهُمْ وَيَقْضِي لَهُمْ بِدَيْنِهِمْ، لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ فَيَكُونُ خَصْمًا لِكُلِّ مَنْ يُنَازِعُهُ فِيمَا فِي يَدِهِ. وَلَهُمَا أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ خَصْمًا لَادَّعَى عَلَيْهِ، وَالدَّعْوَى تَتَضَمَّنُ فَسْخَ الْعَقْدِ وَالْعَقْدُ قَدْ قَامَ بِهِمَا فَيَكُونُ الْفَسْخُ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ) قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ : وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ دَارًا لَهَا شَفِيعٌ ثُمَّ وَهَبَهَا لِرَجُلٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ وَغَابَ الْوَاهِبُ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَإِنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ وَعَنْهُمَا، وَهُوَ رِوَايَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>