للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ اشْتَرَى بِهَا إشَارَةً إلَى أَنَّ التَّصَدُّقَ إنَّمَا يَجِبُ إذَا اشْتَرَى بِهَا وَنَقَدَ مِنْهَا الثَّمَنَ. أَمَّا إذَا أَشَارَ إلَيْهَا وَنَقَدَ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ نَقَدَ مِنْهَا وَأَشَارَ إلَى غَيْرِهَا أَوْ أَطْلَقَ إطْلَاقًا وَنَقَدَ مِنْهَا بِطِيبٍ لَهُ، وَهَكَذَا قَالَ الْكَرْخِيُّ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ إذَا كَانَتْ لَا تُفِيدُ التَّعْيِينَ لَا بُدَّ أَنْ يَتَأَكَّدَ بِالنَّقْدِ لِيَتَحَقَّقَ الْخَبَثُ. وَقَالَ مَشَايِخُنَا: لَا يَطِيبُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَضْمَنَ، وَكَذَا بَعْدَ الضَّمَانِ بِكُلِّ حَالٍ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِإِطْلَاقِ الْجَوَابِ فِي الْجَامِعَيْنِ وَالْمُضَارَبَةِ. .

قَالَ (وَإِنْ اشْتَرَى بِالْأَلْفِ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَوَهَبَهَا أَوْ طَعَامًا فَأَكَلَهُ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ)، وَهَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ إنَّمَا يَتَبَيَّنُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ.

الرِّبْحِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ بِالْإِشَارَةِ كَالْعُرُوضِ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالثَّمَنَيْنِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ. فَقَوْلُهُ (فِي الْكِتَابِ) يَعْنِي الْجَامِعَ الصَّغِيرَ (اشْتَرَى بِهَا إشَارَةً إلَى أَنَّ التَّصَدُّقَ إنَّمَا يَجِبُ إذَا اشْتَرَى بِهَا وَنَقَدَ مِنْهَا) قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: لِأَنَّ ظَاهِرَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا إذَا أَشَارَ إلَيْهَا وَنَقَدَ مِنْهَا، أَمَّا إذَا أَشَارَ إلَيْهَا وَنَقَدَ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ نَقَدَ مِنْهَا وَأَشَارَ إلَى غَيْرِهَا أَوْ أَطْلَقَ إطْلَاقًا وَنَقَدَ مِنْهَا بِطِيبٍ لَهُ، وَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، فَفِي وَاحِدٍ مِنْهَا لَا يَطِيبُ، وَفِي الْبَاقِي يَطِيبُ. وَذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ وَجْهًا آخَرَ لَا يَطِيبُ فِيهِ أَيْضًا، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ إلَى الْبَائِعِ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ أَوَّلًا ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهُ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْجَوَابِ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ ، لِأَنَّ الْإِشَارَةَ إذَا كَانَتْ لَا تُفِيدُ التَّعْيِينَ كَانَ وُجُودُهَا وَعَدَمُهَا سَوَاءً، فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَأَكَّدَ بِالنَّقْدِ لِيَتَحَقَّقَ الْخَبَثُ. قَالُوا: وَالْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى قَوْلِهِ لِكَثْرَةِ الْحَرَامِ

دَفْعًا لِلْحَرَجِ

عَنْ النَّاسِ.

وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ : قَالَ مَشَايِخُنَا : لَا يَطِيبُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَضْمَنَ وَكَذَا بَعْدَ الضَّمَانِ بِكُلِّ حَالٍ: أَيْ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِإِطْلَاقِ الْجَوَابِ فِي الْجَامِعَيْنِ وَالْمُضَارَبَةُ بِقَوْلِهِ يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِ الرِّبْحِ، وَقَالَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا نَقَدَ مِنْهَا وَلَمْ يُشِرْ فَسَلَامَةُ الْمَبِيعِ حَصَلَتْ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ، فَأَمَّا أَنْ يَصِيرَ عَنْهَا عِوَضًا فَلَا تَثْبُتُ شُبْهَةُ الْخُبْثِ، وَإِنْ أَشَارَ إلَيْهَا وَنَقَدَ مِنْ غَيْرِهَا فَإِعْلَامُ جِنْسِ الثَّمَنِ وَقَدْرِهِ حَصَلَ بِهَذِهِ الْإِشَارَةِ فَكَانَ لِلْعَقْدِ تَعَلُّقٌ بِهَا فَتُمْكِنُ شُبْهَةُ الْخُبْثِ أَيْضًا، وَسَبِيلُ مِثْلِهِ التَّصَدُّقُ فَاسْتَوَتْ الْوُجُوهُ كُلُّهَا فِي الْخُبْثِ وَوُجُوبِ التَّصَدُّقِ

(وَإِنْ اشْتَرَى بِأَلْفٍ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَوَهَبَهَا أَوْ طَعَامًا فَأَكَلَهُ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ) بَلْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا غَصَبَ (فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا لِأَنَّ الرِّبْحَ إنَّمَا يَتَبَيَّنُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ) بِأَنْ يَصِيرَ الْأَصْلُ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَصِرْ فَلَمْ يَظْهَرْ الرِّبْحُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>